Sunday 19 February 2017

علم الدلالة (Semantics)

علم الدلالة (Semantics) علم الدلالة , أو دراسة المعنى فرع من فروع علم اللغة , وهو غاية الدراسات الصوتية والفونولوجية و الصرفية والنحوية والقاموسية , إنه قمة هذه الدراسات . وإذا كانت الدراسات الصوتية والفونولوجية والصرفية والنحوية والقاموسية لم ينهض بها عادة إلا اللغويون , فإن النظر فى المعنى موضوع شارك فيه علماء ومفكرون من ميادين مختلفة , شارك فيه من قديم الفلاسفة والمناطقة خاصة , وشارك فيه علماء النفس وعلماء الاجتماع والأنثروبولوجيا حديثا , وأسهم فيه علماء السياسة والإقتصاد وجماعات من الفنانين والأدباء والصحفيين . وذلك لأن “المعنى” اللغوي من شأنه أن يشغل المتكلمين جميعا على اختلاف طبقاتهم ومستوياتهم الفكرية لأن الحياة الاجتماعية تلجىء كل متكلم إلى النظر فى معنى هذه الكلمة أو تلك , أو هذا التركيب أو ذاك . وهكذا أدلى كل متكلم تقريبا فى هذه المشكلة الخطيرة . و قد نجم عن اشتراك اللغويين وغير اللغويين من أصحاب العلوم والأفكار المختلفة أن ظهرت نظريات كثيرة ومناهج عدة فيما يتعلق بالمعنى من حيث تحصيله وماهيته ودراسته . وكما نجم عن ذلك خلط كثير وإساءة فهم لمشكلة ” المعنى” حتى لقد ضجر كثير من الغربيين المحدثين من الكلمة الدالة على ” المعنى” ومن سوء استعمالِها ومما توقع فيه من مشكلات , ودعا الى تجنب استعمالِها . ولكن ما من شك فىأن تجنب استعمال هذه الكلمة شيء, وبقاء التصور الذي تدل عليه شيء آخر, فكل لغوي يستعمل هذا التصور , والثابت أن علم اللغة لا يتيسر له أن يقوم دون هذا التصور . وكما رأينا أن ” الأصوات” و “الفونولوجيا” و ” النحو” تدرس باعتبارين مختلفين : الاعتبار الأول هو الوصف الثابت , والاعتبار الثاني هو التاريخي المتحرك المتطور , فكذلك دراسة المعنى : تدرس من الناحية الوصفية فندرس معاني الكلام فى لغة من اللغات فى فترة من فترات استعمالـها فى مكان محدود , وتدرس من الناحية التطورية , فندرس تغير معاني الكلام فى لغة من اللغات من عصر إلى عصر من مراحل تاريخها . مدارس علم اللغة الحديث وقد شهد القرن العشرون مدارس لغوية وصفية متعددة، أهمها : 1- المدرسة اللغوية البنيوية : Structural Linguistics 2- مدرسة النحو التوليدى التحويلى : Transformational – Genetarive Grammar 3- مدرسة القوالب :Tagmemic Analysis وفيما يلى نكشف النقاب عن خصائص كل مدرسة من هذه المدارس: (1) المدرسة اللغوية البنيوية : يعد “دى سوسير” من العلماء الأوائل، الذين مهدوا الطريق لهذه المدرسة، فى محاضراته بجامعة جنيف (1906-1911) التى جمعها طلابه بعد وفاته سنة 1913 م فى كتابه المشهور : “محاضرات فى علم اللغة العام” وأصدروه سنة 1916 م بالفرنسية، ثم ترجمة Wade Baskin بعنوان: Course in General Linguistics فى عام 1959م. وقد فرق “دى سوسير” بين ما يمكن أن يسمى باللسان La Langue وما يمكن أن يسمى بالكلام La Paroleأما اللسان فيقصد به أنواع الأنظمة وأنماط الابنية، التى تعود إليها منطوقات اللغة. أو هو بعبارة أخرى : نظام من المواضعات والإشارات، التى يشترك فيها جميع أفراد مجتمع لغوى معين، وتتيح لهم من ثمة الاتصال اللغوى فيما بينهم. وأما الكلام، فهو فى رأى دى سويسر : كلام الفرد، أو المنطوقات الفعلية نفسها. (1) ويتصف اللسان بأنه اجتماعى، وجوهرى، ومجرد، ومستقل عن الفرد، بعكس الكلام الذى يتوقف على الإراداة والذكاء عند الفرد. (2) وقد تمكن دى سوسير بذلك من تفسير طبيعة نظام اللغة، وتنوع الفرد للغة. وكان يعتقد أن اللسان – وهو نظام اللغة المقصود (التحتى) – هو الموضع الصحيح للدراسات اللغوية، لأنه يشتمل على أنماط منتظمة، يرغب علماء اللغة البنيويون فى اكتشافها ووصفها. كما بين “دى سوسير” أن كل لسان ينبغى أن يتم تصوره ووصفه على أنه نظام من العناصر المترابطة، على المستويات الدلالية والنحوية والصوتية، لاعلى أنه تراكم من كيانات قائمة بذاتها. وقد عبر عن نظريته تلك بقوله : “إن اللسان شكل لامادة”. وعلى هذا المدخل البنيوى للغة، يقوم صرح علم اللغة المعاصر بأسره، وهو الذى يسوغ دعوى “دى سوسير” باستقلال علم اللغة، ليصبح علما قائما بذاته (3) . وممن تأثر بنظرية دى سوسير: العالم “فرانز بوعز” Franz Boas الذى كان مهتما – وهو من علماء الأنثروبولوجيا – بالوصف المفصل للفونولوجيا، أى النظام الصوتى فى لغة من اللغات، ثم ينتقل بالتالى إلى وصف المورفولوجيا أو النظام الصرفى فيها فى مستوى الكلمة (Word) والعبارة (Phrase). وقد نادى “بوعز” بضرورة دراسة كل لغة على حدة، وفقا لأحوالها الخاصة. وقد أصبح رأيه هذا فيما بعد، أحد المعتقدات الأساسية فى الدراسات الوصفية فى أمريكا. وجاء بعد “بوعز” تلميذه : “إدوارد سابير” Edward Sapir الذى كان يؤمن بضرورة وصف كل لغة، وفقا لأحوالها الخاصة، كأستاذه، ولكنه لم يكن مؤمنا بالفئات أو الوحدات اللغوية المتواضع عليها كأجزاء الكلام، بل كان يرى أن الوحدات الأساسية، كالاسم والفعل، والعمليات النحوية الأساسية، كتركيب الكلمات – هى أمور قائمة فى جميع اللغات التى يحتمل أن تكون لها عناصر كلية مشتركة، وذلك فى المستويات الأساسية الكبيرة، التى تقوم عليها اللغات (1) وكان تركيز “سابير” على العقل والفكر، موضع اهتمام علماء اللغة التحويليين. وجاء بعده “بلومفيلد” Leonad Blommfield الذى أسهم فى تطوير المدرسة اللغوية النبوية، وتوضيح قوانينها، ووضع مناهجها الأساسية. وقد هيمن كتابه: “اللغة” Language الذى نشر سنة 1933 م، على معظم الدراسات اللغوية، فى السنوات الثلاثين التالية لصدوره. وكان “بلومفيلد” من أتباع المدرسة السيكولوجية فى دراسة اللغة، مما جعله يرفض تركز “سابير” على العقل، ويقصر عمله على مراقبة الظواهر الخارجية القابلة للقياس، والتى يمكن فيها تطبيق مبدأ “المثير” و “الاستجابة”. كما اهتم بالقياس اللغوى، مع عدم الانصراف عن أخذ المعنى فى الحسبان. وإن كان يقرر (1) أن اعتبار المعانى يعد أضعف نقطة فى دراسة اللغة. وهو يعتقد أن وصف لغة من اللغات ينبغى أن يبدأ بالمورفولوجيا أو الصرف، ونظام الجملة، بل إنهم ذهبوا شوطا بعيدا حين حاولوا استبعاد المعنى من دائرة التحليلات اللغوية. وتتبع هذه المدرسة فى تحليل الجملة منهجها مبنيا على أساس أنها مؤلفة من طبقات من مكونات الجملة، بعضها أكبر من بعض، إلى أن يتم تحليلها إلى عناصرها الأولية من الكلمات والمورفيمات. وفيما يلى مثال يبين بشكل مجرد، مختلف العلاقات القائمة بين العناصر المختلفة التى تكون الجملة: (2) الجملة يكتب المعلمون النشيطون مقالة يكتب المعلمون النشيطون مقالة (مقالتين) ى + كتب المعلم + ون النشيط + ون مقالة + ين ال + معلم + ون ال + نشيط + ون مقالة كتب معلم نشيط مقالة كتب علم نشط قال (2) مدرسة النحو التوليدى التحويلى : أدت الرغبة إلى تبنى منهج عقلى فى دراسة اللغة، إلى نشوء طريقة جديدة عند علماء اللغة الأمريكان، أطلقوا عليها اسم : “علم اللغة التحويلى” Transformational Linguistics وقد رفضت هذه المدرسة الجديدة كثيرا من الأسس التى ارتضتها المدرسة البنيوية، من النواحى التالية: 1- فمن حيث الموضوع، كانت المدرسة البنيوية تتخذ من النصوص اللغوية موضوعا لدراستها، على حين اتخذت المدرسة التحويلية من قدرة المتكلم على إنشاء الجمل التى لم يكن سمعها من قبل، موضوعا لها. 2- ومن حيث أسلوب الدراسة والتحليلى، كانت المدرسة البنيوية تعتمد على وسائل الاستكشاف، على حين يؤمن التوليديون بضرورة الحدس والتخمين، ثم إجراء الاختبار، لتقويم الفروض المتضاربة. 3- ومن حيث الهدف، كان البنيويون يحاولون بدراستهم القيام بتصنيف عناصر اللغات المدروسة، اللغات على حين جعل التوليديون تعيين القواعد النحوية الكامنة وراء بناء الجملة هدفا لهم. وهذا يعنى الكشف عن وجود عدد غير متناه من الجمل فى أية لغة، وتوضيح أى نوع من سلاسل الكلمات تشكل جملا، وأيها لا يشكل جملا. وكذلك وصف البنية النحوية لكل جملة (1) . 4- وعلى حين كان البنيويون يرون أن لكل لغة بنيتها التى تتفرد بها، يرى التوليديون أن اللغات تتشابه على مستوى المقصود (العميق) من المعانى، ويحاولون الكشف عن هذه التشابهات الكلية. 5- كان كثير من البنيويون يستبعدون المعنى من دراستهم للغة أن الكلام عن التحليل اللغوى بلا إشارة للمعنى، شبيه بمن يصف طريقة صنع السفن دون الإشارة إلى البحر (1) ، ولذلك يعد التحوليون اعتبار المعنى فى التحليل اللغوى، أمرا ضروريا فى شرح العلاقة بين الجمل، التى تحمل نفس المعنى وتختلف فى ظاهر تراكيبها. وعلى رأس علماء المدرسة التحوليدية فى دراسة اللغة: “هاريس” Harris وتلميذه “تشومسكى” Chomsky . وقد كان لهما أكبر الأثر فى نشوء علم اللغة التوليدى والتحويلى. أما “التوليدى” فهو علم يرى أن فى وسع أية لغة أن تنتج ذلك العدد اللانهائ، من الجمل التى ترد بالفعل فى اللغة. وأما “التحويلى” فهو العلم الذى يدرس العلاقات القائمة بين مختلف عناصر الجملة، وكذلك العلاقات بين الممكنة فى لغة ما (2) . ويعد “هاريس” الأب الحقيقى لعلم اللغة التحويلى، و “تسومسكى” الأب الحقيقى لعلم اللغة التوليدى. كما أدخل الأخير كثيرا من التعديلات على علم اللغة التحويلى عند “هاريس”. وقد نشر “هاريس” بحوثه بين 1952 و 1957 م، وعرف التحويل بأنه عملية نحوية تغير ترتيب المكونات فى داخل جملة ما، وبوسعها حذف عناصر أو إضافتها أو استبدالها (3) . وقد ميز “هاريس” بين مجموعتين فرعتين من الجمل النحوية الكلية، القائمة فى لغة كالإنجليزية مثلا : 1- الجمل النواة Kernelsentences 2- الجمل غير النواة Nonkernelsentences ويمكن الفرق بين هاتين المجموعتين الفرعتين، فى أن الجمل غير النواة، يتم اشتقاقها من الجمل النواة، بواسطة قواعد تحويلية. مقال ذلك من العربية جملة مثل : “سرق اللص البنك” فهى جملة نواة، يمكن أن تشبتق منها جملة غير نواة، نحو : “سرق البنك” وتبدو العلاقة التحويلية بين هاتين الجملتين على النحو التالى : فعل متعد مبنى للمعلوم + مورفيم المعلوم + اسم (1) + اسم (2) فعل مبنى للمجهول + مورفيم المجهول + اسم (2) فقد استبدل فى أثناء عملية التحويل، مورفيم البناء للمجهول بمورفيم البناء للمعلوم، كما حذف الفاعل (الاسم رقم 1) من الجملة النواة، وتحول المفعول به (الاسم رقم 2) إلى نائب فاعل. وهكذا نرى التحويل هنا يقتضى الحذف والاستبدال، وإعادة ترتيب المكنونات. أما “تشومسكى” فقد لاحظ، وهو يحضر للدكتوراه فى جامعة بنسلقانيا، أن المنهج البنيوى الذى يتمتع بشيئ من الجدوى، فى دراسة الفونيكات والمورفيمات، لا يتوافق مع دراسة الجمل، لأن كل لغة بها عدد محدود منالفونيمات والمورفيمات، غير أن عدد الجمل فى أية لغة واقعية، هو عدد غير متناه، إذا ليس هناك حد لعدد الجمل الجديدة، التى يمكن إنشاؤها، ولا تستطيع المدرسة البنيوية تفسير ذلك. صراخ المجرم لم يؤثر فى الناس صراخ المجرم لم يؤثر فى الناس فالجملتان من حيث الشكل الخارجى، متشابهتان تماما، فى علاقة المفردات بعضها ببعض، وكذلك فى علاقة المسند إليه والمسند. ومع ذلك فالمعنيان يختلفان اختلافا جذريا. كما وجد “تشومسكى” أيضا، أن هناك بعض الجمل التى تحتمل معنيين مختلفين، ولا يميز الشكل الخارجى بينهما، فجملة : “كان عقاب على صارما” مثلا، لا يتضح معناها تماما خارج السياق، إذ لاندرى إن كان “على” هو الذى عاقب إنسانا آخر، أم أن إنسانا آخر هو الذى عاقب عليا. كانت مثل هذه الجمل، التى يكتنفها اللبس من الوجهة التركيبية، هى التى أدت بتشومسكى إلى التأكيد بأن لهذ الجمل معنى ظاهرا (سطحيا) Surface Structure وهو الذى يقال فعلا، ومعنى مقصودا (عميقا) Deep Structure وهو الذى تكون العلاقات المعنوية فيه واضحة، وأن الذى ينظم العلاقة بين المعنى المقصود (العميق) والمعنى الظاهر (السطخى) هو تلك القوانين التى تطبيق على الأولى، فتحولها إلى الثانية. وقد أطلق على هذه القوانين اسم “القوانين التحويلية” Transformational rules (1) . وقد أعاد “تشومسكى” من تقسيم “دى سوسير” الثابث للغة إلى : “لسان” Langue “وكلام” Parole وأطلق على النوع الأول : مصطلح “كفاءة” Competence وعلى الثانى : مصطلح “الأداء” Performance. ويقصد بالكفاءة : ما يكون عند المتكلم باللغة – من أبناءها – من معرفة حدسة غير واعية، بالأصوات والمعانى والنحو. أما الأداء فهو عبارة عن الممارسة اللغوية الفعلية فى الحياة اليومية، وربما لا تكون صورة صحيحة للكفاءة، لمخالفتها – فى بعض الحالات – القواعد النحوية (1) . وقد ناقش كثير من اللغويين المحدثين “نظرة تشومسكى” فى كثير من نواحيها. وعلى رأسهم المدرسة اللغوية الحديثة المعروفة “بمدرسة القوالب” Tagmemic analysis. ونتحدث عن جهود هذه المدرسة فيما يلى: (3) مدرسة القوالب : تشارك هذه المدرسة “تشومسكى” وجهة نظرة القائلة بوجود جانبين فى دراسة اللغة، هما: جانب الكفاءة، وجانب الأداء. وترى هذه المدرسة أن مهمة علم القواعد فى أسسه الأولية، تتمثل فى إعطاء نموذج، أو لنقل صورة لجانب الكفاءة، وهو جانب غير واع فى معظمه، شأنه فى ذلك شأن استعمال الناس للغة – بالاعتماد على آثره التى تتجلى فى جانب الأداء، الذى تسهل ملاحظته ورصده. وترى هذه المدرسة أن التحليل اللغوى، يعنى طائفة من الإجراءات لوصف اللغة، ويعتمد على وحدة نحوية أساسية، تسمى : “القالب” Tagmeme وترد هذه الوحدة ضمن مركب على هيئة سلسة، وتقع ضمن مستويات معينة من المستويات النحوية. وقد قام بتطوير هذه النظرية ونظامها اللغوى : “كينيت بايك” Kenneth Pike واستخدمها معهد summer للغويات (1) . ومصطلح “القالب” أو “الإطار” Tagmeme الذى تستخدمه هذه المدرسة، هو عبارة عن ارتباط بين موقع وظيفى (Functional Stat) وفئة من الوحدات (Items) التى تشغل هذا الموقع، مؤلفة من وظيفة (Function) وشك (Form). والمواقع الوظيفة، هى مواضع فى أطر مركبات، تحدد الدور الذى تقوم به الأشكال اللغوية فى المركب، بالقياس إلى غيرها من الأجزاء الموجودة فى المركب نفسه. والوظائف عبارة عن ارتباطات نحوية، تحدد الدور الذى يقوم به الشكل فى المركب، كالمسند إليه، والمسند، والمفعول به، والحال، والتمييز، وغير ذلك. وعلى الرغم من أن المواقع الوظيفية، ترد فى العبادة فى مواضع ثابتة، فإنه لا مانع من وجود وحدات فى كل لغة، قابلة للتنقل بحيث يمكنها أن تأتى فى أكثر من موضع، ففى جملة مثل : “ضرب محمد عليا” ثلاثة مواضع هى : 1- موقع المسند : وتشغله الكلمة الفعلية : (ضرب) 2- موقع المسند إليه : وتشغله الكلمة الاسمية : (محمد) 3- موقع المفعول به : وتشغله الكلمة الاسمية : (عليا) ويمكن أن يأتى الترتيب على نحو آخر، كأن ترتيب هذه الجملة على النحو التالى : “ضرب عليا محمد”. وهذا التغيير لا يعنى تغييرا فى المواقع الوظيفية، التى تحدد الدور لاذى تقوم به الأشكال اللغوية فى المركب، إنما يعنى تغيرا فى مكان الموقع الوظيفى لا غير. والموقع الوظيفى الواحد، يمكن أن يشتغله واحد من فئة الشاغلات ()، وهذه الوحدات قابلة للتبادل فيما بينما فى داخل الموقع. وينبغى أن تصنف هذه الشاغلات إلى أصناف شكلية فى قائمة القلب. ومن أمثلة ذلك أن موقع المسند إليه، يمكن أن يشغله : ضمير، أو اسم علم، أو عبارة اسميةـ أو تراكيب. وقد يكون أحد هذه الشاغلات، هو الفئة الشكلية النموذجية، من بين فئة الشاغلات التى تملأ الموقع. وهذا الترابط بين الموقع الوظيفى والفئة الشاغلة، هو فى الحقيقة ترابط بين وظيفة وشكل. ويتجلى نظام التحليل القالبى، فى أقصى درجة من الوضوح فى عملية التسمية، حيث يسمى كل من الوظيفة والشكل، بأسمـاء مثل : (المسند إليه : اسم / عبارة اسمية … الخ)، فتذكر قائمة الأشكال التى تملأ الموقع على يسار علامة النسبة ( : ) والوظيفة أو المعنى النحوى على يمينها (1) . ونخلص من كل هذا إلى أن القوالب عبارة عن ارتباطات بين الشكل والوظيفة، توزع فى مركبات اللغة. وتتنوع القوالب وفقا لمكوناتها، إلى الأنواع التالية : 1- قوالب إجبارية، أو قوالب اختيارية. 2- قوالب أساسية، أو قوالب ثانوية. 3- قوالب ثابتة المواضع، أو قوالب متحركة متنقلة. النوع الأول : القالب الإجبارى عبارة عن قالب يرد فى كل حالات ظهور البنية اللغوية المعينة، ويرمز له بالعلاقة (+) للدلالة على وجوب وروده حيثما جاء المركب. أما القالب الاختيارى فهو قالب يرد فى بعض حلات ظهور البنية اللغوية، لا فى جميعها، ويرمز له بالعلامة ( + ) للدلالة على إمكان وروده، حيثما جاء المركب، وإن لم يكن ضروريا. النوع الثانى القالب الأساسى هو قالب يتميز به المركب الذى يرد فيه، كالقوالب الموجودة فى التركيب التالى : “البنت تزوجت خطيبها” أما القالب الثانوى (غير الأساسى / التابع)، فهو قالب لا يتميز به المركب الذى يرد فيه، مثل : قالب الظرفية “بالأمس” فى التركيب التالى : “البنت تزوجت خطيبها بالأمس”. وليست كل القوالب الأساسية إجبارية، فقد يكون بعضها اختياريا، كقالب المفعول به فى التركيب : ” البنت تزوجت خطيبها”، إذ يمكن أن يستغنى عنه، فقال : “البنت تزوجت”. أما القالب الثانوى فهو اختيارى دائما. وعلى ذلك يكون عندنا ثلاثة تصنيفات من قوالب النوعين، وهى : قالب أساسى إجبارى، وقالب أساسى اختيارى، وقالب ثانوى اختيارى. النوع الثالث : القالب الثابت، هو الذى يثبت موضعه بالنسبة لغيره فى التركيب. وعلى العكس من ذلك لا يثبت القالب المتحرك فى موضع معين بالنسبة لغيره. وهذا مثال لتحليل جملة مكونة من سلسلة من القوالب : العربية البطيئة المهشمة / نقلت / أثاث البيت / عبر الصحراء / يوم الخميس. الجملة = + مسند إليه : عبارة اسمية + مسند : فعل متعد + مفعول به: عبارة اسمية + مفعول فيه (ظرف مكان) عبارة ظرفية + مفعول فيه (ظرف زمان) : عبارة ظرفية + مفعول فيه (ظرف زمان) : عبارة ظرفية. المستويـات النحوية : يجرى ترتيب المركبات القالبية، على هيئة طائفة من المستويات المحددة المعلم. وأكثر هذه المستويات شيوعا فى الدراسات اللغوية المعاصرة، هى: مستويات “الكلمة” Word و “العبارة” Phrase و “التركيب” Clause و “الجملة” Sentence فضلا عن مستوى “المرفيم” Morpheme . فمستوى “الكلمة” هو ذلك المستوى من النحو، الذى نحلل عنده الكلمة إلى مورفيماتها المكونة لها. ومستوى “العبارة” هو ذلك المستمى من النحو، الذى نحلل عنده مجموعات الكلمات، ذات الأبنية المعينة – باستثناء التراكيب – إلى كلمات. ومستوى “التركيب” هو ذلك المستوى من النحو، الذى نحلل عنده التراكيب، إلى ما فيها من مسند ومسند إليه ومكملات. المراجـع 1- أبى الفتح عثمان بن جنى “ الخصائص ” الجزء الأول، دار الكتاب العربى، بيروت – لبنان 2- توفيق محمد شاهين، الدكتور “ علم اللغة العام ” مكتبة وهبة، القاهرة، عام 1980 م 3- دافيد كريستل (ترجمة حملى خليل، الدكتور) “ التعريف بعلم اللغة “، الهيئة المصرية العامة للكتاب. 4- رمضان عبد التواب، الدكتور، “ المدخل الى علم اللغة ” ومناهج البحث اللغوى، مكتبة الخانجى بالقاهرة، 1982 م 5- كمال محمد بشر، الدكتور، “ علم اللغة – الأصوات “، دار المعارف، القاهرة، 1981 م 6- محمود فهمى حجازى، الدتور، “ مدخل الى علم اللغة” ، دار الثقافة للنشر والتوزيع، القاهرة، 1978 م. ***** ________________________________________ [1] ) الاوسلوجراف أو راسم الذبذبات هو جهاز شبيه بجهاز التليفزيون غير أنه يتلقى الإشارات من ميكروفون أمام فم المتكلم ويقوم بتسجيل مرئى لذبذبات الأصوات. (انظر د. أحمد مختار عمر دراسة الصوت اللغوى ص 34) [2] ) الاسبكتوغراف أو جهاز رسم الأطياف هو جهاز يعطى تسجيلات بصرفية ثابتة لتتابع أصوات الحديث الكلامى فى شكل خطوط متعرجة مختلفة التركيز تبعا لقوة الذبذبات الصوتية الموجهة ويسجل كل ذلك على ورقة بيانية ويحتاج استعمال هذا الجهاز إلى خبرة وتدريب حتى يستطيع الباحث تحديد الصوت وقوته والنغمة التى نطق بها. (انظر د. أحمد مختار عمر الصوت اللغوى ص 35)

No comments:

Post a Comment

Pragmatisme Manusia Moderen

Pragmatisme Manusia Moderen Sejak bergulirnya Era reformasi Indonesia sudah Berganti 5 kali kepemimpinan Presiden Namun ekonomi bukan semak...