Sunday 19 February 2017

مدخل إلى علم اللغة

مدخل إلى علم اللغة تقديم الحمد لله الذي علم الانسان ما لم يعلم والصلاة والسلام على خيرخلقه محمد صلى الله عليه وسلم سيد العرب والعجم وعلى آله وأصحابه الذين اهتدوا بهديه واختاروا النور عن الظلام أما بعد. فهذه مذكرة وجيزة تضم فصولا من المدخل إلى علم اللغة الذي أعدّ لطلاب قسم اللغة العربية من كلية التربية بجامعة شريف هداية الله الإسلامية الحكومية جاكرتا وطلاب قسم اللغة العربية من كلية اللغات المتكاملة بجامعة الزيتون إندونيسيا . كما علمنا أن البحث العلمي فى اللغة فهي ظاهرة حديثة نسبيا ولا سيما فى الأوساط اللغويين العرب إذ أن علم اللغة بمعنى Linguistics عنده لم يشتهر إلا فى الستينات . أشار إلى ذلك ظهور كتاب “فقه اللغة وخصائص العربية ” لمحمد مبارك . و فى العقود الأخيرة فى أواخر القرن العشرين صدرت الكتب والمؤلفات التى تتناول البحث فى اللغة بحثا علميا لذاتِها , وهذه الكتب والمؤلفات كتبها اللغويون العرب بعد أن سلكوا فترات دراسية فى الجامعات الغربية . فلا عجب بأن فيها عنصر الترجمة من الكتب المكتوبة باللغة الإنجليزية أو الفرنسية , ولكن الحصول عليها فى إندونيسيا لمن المشكلات التى يعانيها الدارسون والمعنيون بعلم اللغة . عسى أن تكون هذه المذكرة _ وهى مقتطفة من عدة كتب فى علم اللغة – تسدّ حاجاتهم فى محاولة لفهم شيء من علم اللغة الذي صار علما قائما بنفسه . والله ولي التوفيق والعنايـة . الكاتب المحتوبات 1- تقديم 2- اللغة والبحث اللغوي 3- علم اللغة : – مجلات علم اللغة الحديث – مناهج علم اللغة الحديث 4- اللغة بين العلوم الإنسانية 5- علم اللغة والمجتمع الإنساني 6- علم الأصوات (Phonetics ) 7- الفونيم (Phonem ) 8- المورفيم (Morphem ) 9- المقاطع الصوتية ( النبر والتنغيم ) 10- بناء الجملة ( Sintax) 11- علم الدلا ( Semantics) 12- مدارس علم اللغة الحديث – المدرسة اللغوية البنيوية ( Structural Linguistics ) – مدرسة النحو التوليدي التحويلي (Transformational- Generatif Grammar ) – مدرسة القوالب ( Tagmemic Analysi ) = م = اللغة والبحث اللغوي عرف المجتمع الانسانى اللغة فى أقدم صوره، فاللغة ظاهرة تميز الانسان عن الكائنات الأخرى واختص بها فأتاحت له أن يكون المجتمع وأن يقيم الحضارة لذا فاللغة والحضارة ظواهر متداخلة متكاملة. لقد أثار كثير من المفكرين على مضى القرون قضية أولية اللغة أم المجتمع أم الحضارة، وأثـاروا أيضا قضية اللغة والفكر أيهما سبق الآخر، ولكن البحث الحديث يحاول أن يبتعد عن هذه الدائرة المفرغة من التساؤلات حول مراحل يصعب الوصول إليها ليثبت تلازم اللغة مع فكر الانسان وضرورة اللغة ليقام المجتمع الانسانى وضرورة وجود مجتمع انسانى يتعاون فى إقامة الحضارة. إن الانسان مارس اللغة منذ آلاف السنين، هى عمر الانسان على الأرض ثم فكر الانسان فى أن يدون اللغة ويخلدها بذلك للأجيال التالية، كان هذا فى مصر والعراق منذ خمسة آلاف سنة فقط، وظلت أكثر الشعوب على مدى العصور لا تكتب. فاللغة قديمة قدم المجتمع الانسانى، وكتابتها ظاهرة حديثة نسبيا، وهناك شعوب كثيرة لم تدون لغتها إلا فى السنوات الأخيرة، كثير من أبناء هذه الشعوب أميون وبعضهم لا يتصور أن تلك العبارات التى ينطق بها يمكن أن تدون. فاللغة توجد، سواء أكتبت أم لم تكتب فالانسان يحتاج الى اللغة فى حياته اليومية، ولكن تدوين اللغة لا يأتى عادة إلا فى مرحلة من الرقى الحضارى. أما البحث العلمى فى اللغة فهو ظاهرة حديثة نسبيا، وشبيه بهذا أمر البحث العلمى فى فروع المعرفة المختلفة . فالانسان يتنفس منذ وجد ولكن المعرفة الحقيقة بالجهاز التنفسى وبعملية الشهيق وبعملية الزفير وما يرتبط بهما من عمليات فسيولوجية داخل جسم الانسان تعد من الحقائق التى أتى بها البحث العلمى منذ وقت قريب نسبيا. ان الانسان عرف الماء واحس به وأفاد منه فى حياته اليومية، ولكن التحليل العلمى لمكونات الماء وخصائصه ودوره الحيوى فى جسم الانسان عمل علمى لا يعرفه بالضرورة كل من يستخدم الماء أو يشربه. وشبيه بهذا أمر اللغة، فاللغة قديمة قدم المجتمع الانسانى، ولكن البحث فى اللغة لم ينشأ إلا فى إطار التقدم العلمى، ولذا فهو أمر حديث نسبيا بالنسبة لتاريخ الانسان. طبيعة اللغة لقد عرف اللغوي العربى ابن جنى (ت 392 هـ) اللغة بعبارته : “حد اللغة أصوات يعبر بها كل قوم عن أغراضهم”. وهذا التعريف يتضمن العناصر الأساسية لتعريف اللغة ويتفق مع كثير من التعريفات الحديثة للغة، فهو يوضح الطبيعة الصوتية للغة ويؤكد أن اللغة أصوات، وهو بهذا يستبعد الخطأ الشائع الذى يتوهم أن اللغة فى جوهرها ظاهرة مكتوبة. ويوضح تعريف ابن جنى أيضا أن اللغة زظيفة اجتماعية، هى التعبير وأن لها إطارا اجتماعية ومن ثم فهى تختلف باختلاف الجماعات الانسانية. وبذلك يوضح تعريف اللغة عند ابن جنى طبيعة اللغة من جانب ووظيفتها من الجانب الآخر. وتوضح التعريفات الحديث اللغة أولا وقبل كل شيئ أن اللغة نظام من الرموز، ومعنى هذا أن اللغة تتكون من مجموعة من الرموز تكون نظاما متكاملا. واللغة أكثر نظم الرموز التى يتعامل بها الانسان تركيبا وتعقيدا، فاشارات المرور رموز ضوئية، ولكنها محدودة وبسيطة. والاشارات الضوئية الصادرة من السفن وأعلام الجيوش والكشافة والفرق الرياضية رموز بسيطة أيضا. أما الصيحات التى تطلقها الحيوانات بأنواعها ولاسيما الطيور فانها أيضا محدودة وبسيطة. ولكن الانسان وحده يتعامل باللغة التى تقوم على عدد محدود من الرموز ولكنها تكون نظاما مركبا معقدا. فالأصوات التى تصدر عن أعضاء النطق عند الانسان محدودة نسبيا، ولذا فكثير من اللغات تشترك فى كثير من الأصوات وأكثر اللغات الانسانية تفيد من عدد من الأصوات يقل عن أربعين صوتا، ولكن هذه الأصوات المحدودة تتخذ أنساقا كثيرة فتكون آلاف الكلمات فى اللغة الواحدة، وتتخذ هذه الكلمات عدة ترتيبات متعارف عليها فى البيئة اللغوية فتكون ملايين الجمل، وتعبر بذلك عن الحضارة الانسانية والفكر الانسانى. ولذا فاللغة الانسانية تختلف عن نظم الاتصال الأخرى الموجودة عند الانسان والموجودة عند الحيوان فى أن اللغة الانسانية نظام مركب معقد من الرموز. ان الرموز اللغوية لا تحتمل قيمة ذاتية طبيعيه تربطها بمدلولها فى الواقع الخارجى فليست هناك أية علاقة بين كلمة “حصان” ومكونات جسم الحصان، والعلاقة كامنة فقط عند الجماعة الانسانية التى اصطلحت على استخدام هذه الكلمة اسما لذلك الحيوان. ومعنى هذا أن قيمة الرموز اللغوية تقوم على العرف أن تقوم على ذلك الاتفاق الكائن بين الأطراف التى تستخدمها فى التعامل. ولذا فالرموز اللغوية وسائل اتصال فى اطار الجماعة اللغوية الواحدة. وتقوم عملية الكلام على وجود متحدث ومتلق وبينهما وسيلة اتصال. وهذا معناه أن المؤثر والمتلقى متفقان على استخدام هذه الرموز اللغوية المركبة بقيمها العرفية، وبعبارة اخرى هناك اتفاق على ترجمة هذه الرموز فى العقل إلى دلالاتها التى يعنيها المتحدث أو الكاتب فيفهمها المستمع أو القارىء. علم اللغة : مجالاته ومناهجه علم اللغة Linguistics فى أبسط تعريفاته هو دراسة اللغة على نحو علمى، ويعنى هذا أن الدراسة اللغوية موضوعية وليست انطباعية ذاتية. وقد أدت هذه الموضوعية المنشودة إلى استقرار كثير من الحقائق وتكون كثير من المناهج وخلق مناخ علمى يتيح لدى اللغويين، فى كل أنحاء العالم، المتخصصين فى نختلف اللغات درجة عالية من التعاون وتبادل الخبرة. اولا :مجالات علم اللغة الحديث يدرس علم اللغة الحديث بنية اللغة من الجوانب التالية: 1- الأصوات Phonetics, Phonology 2- بناء الكلمة Morphology 3- بناء الجملة Syntax 4- الدلالة Semantics وهذا التقسيم ينطلق من الوحدات الصغيرة فى اللغة إلى الوحدات الأكبر، فاللغة الوحدة تتكون من عدد محدود من الوحدات الصوتية يتراوح عددها فى أكثر اللغات بين الثلاثين والأربعين. بهذا العدد المحدود من الوحدات الصوتية يمكن أن تتألف ملايين الكلمات وذلك عن طريق الأنساق المختلفة لهذه الوحدات الصوتية فى المواقع المختلفة، فالكلمات (رحب)، (ربح)، (برح)، (بحر)، (حبر) , ( حرب) ممكنة من الناحية النظرية، تتكون من نفس الوحدات الصوتية ولكنها تختلف فى ترتيب هذه الوحدات داخل الكلمة ، وجميع هذه الكلمات موجودة فعلا فى واقع العربية . والمثال الآخر من كلمة ( ك ت ب ) كان بعض من كلماتها موجود فعلا فى اللغة العربية والبعض الآخر غير موجود فى الواقع، مع أنه ممكن من الناحية النظرية. وهكذا نجد العدد المحدود من الوحدات الصوتية فى أية لغة يمكن أن يكون ملايين الكلمات، ولكن كل لغة من اللغات تختار من هذه الكلمات الممكنة – نظريا – عدة آلاف فقط. وهذه الكلمات تنتظم وفق مجموعة من الضوابط الصرفية مثل الأبنية والسوابق واللواحق فتكون لكل مجموعة سماتها البنيوية ومحتواها الدلالى فوزن فاعل يعد فى العربية أحد الأبنية الصرفية وهو يعبر عمن قام بشيئ. والسواحق مثل الميم فى العربية تؤدى عدة وظائف، منها مثلا أنها تكون اسم الفاعل من غير الثلاثى مثل: مكرم واسم المفعول منه مكرم وغير هذا وذلك من الصيغ. واللواحق فى العربية كثيرة، منها مثلا اللواحق الخاصة بالجمع السالم، سواء أكان جمع مذكر سالما ينتهى (ون) فى الرفع و (ين) فى النصب والجر، أو جمع مؤنث سالما ينتهى (ات) فى الرفع و(ات) فى النصب والجر. وهكذا نجد أن عددا محدودا من الأصوات كون مجموعة كبيرة من الأنساق بتغيير المواقع التى تتخذها كل وحدة صوتية داخل المجموعة، ثم تأتى الأبنية والسوابق واللواحق لتعطى هذه الأصوات إمكانية تكوين ملايين الكلمات. ولكن بنية اللغة لا تكتفى بمجرد وجود هذه الكلمات، فالفرق الأساسى بين (ضرب موسى عيسى)، و(ضرب عيسى موسى) لا يرجع إلى اختلاف الكلمات بل إلى اختلاف ترتيب الكلمات داخل نفس النمط من أنماط الجملة. وصيغة الماضى (قرأ) تتجاوز هذا المعنى إذا ماكانت فى الجملة: (إن قرأت هذا الكتاب وجته سهلا) فالمعنى هنا لا يصدق على الماضى حال من الأحوال بل يتناول أمرين لم يحدثا، ومع هذا فالفعلان ماضيان. ومعنى هذا أن مجرد بيان أن الصيغة الماضى لايكفى للتعرف على المعنى ولابد فى هذا السياق من دراسة الأنماط المختلفة التى تتخذها الجملة فى كل لغة من اللغات. وهكذا تتبح الأنماط المختلفة لبناء الجملة أن تعبر اللغة بآلاف الكلمات الموجودة فيها – فعلا – عن ملايين المعانى التى تكاد تصل إلى اللامحدود. أن الوحدات الصوتية تتكون الكلمات، والكلمات تكون الجمل، والجمل ينبغى لها أن تحمل دلالات. ولذا يتناول البحث الدلالى كل ما يحدد معنى الكلمات والعبارات، وتعد المعاجم نتيجة تطبيقية للبحث الدلالى. ترتيب هذه المجالات : الأصوات، بناء الكلمة، بناء الجملة، والدلالة، على هذا النحو متفق عليه عند كثير من اللغويين المحدثين والمعاصرين. وهو ترتيب مخالف لما كان عند سيبويه وجمهور النحاة العرب، فقد انطلقوا من قضية الجملة والاعراب إلى قضية الأبنية الصرفية إلى قضية الأصوات، أى من الوحدات الأكبر إلى الوحدات الأصغر. وقد ظهرت فى السنوات الأخيرة اتجاهات عند بعض اللغويين الأمركيين والأوربيين تنطلق فى التحليل اللغوى من الوحدات الكبيرة إلى الوحدات الأصغر، ولذا فهى تبدأ بتحليل الجملة وتنتهى بالتحليل الصوتى. ثانيا : مناهج علم اللغة الحديث : عرف علم اللغة الحديث منذ نشأته فى القرن التاسع عشر إلى اليوم عدة مناهج، هى على الترتيب : 1- علم اللغة المقارن Comparative Linguistics 2- علم اللغة الوصفى Descriptive Linguistics 3- علم اللغة التاريخى Historical Linguistics 4- علم اللغة التقابلى Contrastive Linguistics 1- علم اللغة المقارن : يتناول علم اللغة المقارن مجموعة لغات تنتمى إلى أسرة لغوية واحدة بالدراسة المقارنة. وعلم اللغة المقارن أقدم مناهج علم اللغة الحديث، وبه بدأ البحث اللغوى عصر ازدهاره فى القرن التاسع عشر. ويعتمد البحث المقارن على وجود تصنيف واضح للغات إلى أسرات لغوية، ولم تكن القرابة بين اللغات معروفة على نحو علمى دقيق إلى أن اكتشفت اللغة السنسكرتية فى الهند. لقد قورنت السنسكرتية باليونانية واللاتينية، وثبت من هذه المقارنات وجود قرابة لغوية بين هذه اللغات وأنها ترجع إلى أصل قديم بائد. وتقدم البحث شيئا فشيئا فقورنت اللغات الأوربية المختلفة واللغات الإيرانية واللغات الهندية، وثبت بهذه المقارنات أن كثيرا من هذه اللغات تحتمل أوجه شبه فى البنية والمعجم، وبذلك اتضحت معالم أسرة لغوية كبيرة تضم لغات كثيرة فى الهند وإيران وأوربا. وأطلق الباحثون على هذه الأسرة اسم أسرة اللغات الهندية الأوربية، ويسميها الباحثون الألمان – وحدهم – أسرة اللغات الهندية الجرمانية. وقام الباحثون فى اللغات السامية أيضا بتطبيق المنهج المقارن كما تطور فى مجال اللغات الهندية الأوربية. وبذلك ظهر علم اللغات السامية المقارن الذى يبحث مجموعة اللغات العربية والعبرية والآرامية والأكادية والعربية الجنوبية والحبشية. وقد ازدهر البحث المقارن فى اللغات السامية فى فترة كانت الكشوف الأثرية قد أظهرت لغات قديمة مكتوبة على النقوش، وهى اللغات الأكادية فى العراق والعربية الجنوبية فى اليمن والفينيقية فى ساحل الشام. وأضيف إلى اللغات السامية فى القرن العشرين اللغة الأجريتية التى اكتشفت فى ساحل الشام بالقرب من مدينة رأس شمرا سنة 1926، إن البحث المقارن يتناول أسرة لغوية كاملة أو فرعا من فروع هذه الأسرة اللغوية، ولذا يعد علم اللغات الهندية الأوربية المقارن فرعا مستقلا من فروع البحث اللغوى، وكذلك يعد علم اللغات السامية المقارن فرعا آخر من أفرع البحث اللغوى. يتناول علم اللغة المقارن المجالات المذكورة لعلم اللغة، فيبحث من الناحية الصوتية الأصوات الموجودة فى هذه اللغات المنتمية إلى أسرة لغوية واحدة محاولا التوصل إلى قواعد مطردة تفسر التغيرات الصوتية التى طرأت على مدى الزمن فانقسمت اللغة الواحدة إلى لهجات ولغات كثيرة انقسمت بدورها إلى لغات أخرى. وقد اتضح فى إطار البحث الصوتى المقارن أن مجموعة من الأصوات مستمرة دون تغير يذكر فى كل لغات الأسرة الواحدة، فكل اللغات السامية مثلا بها صوت الراء دون تغيير، وعلى العكس من هذا فهناك أصوات حضعت لتغيرات بعيدة المدى منها مثلا صوت الضاد الذى اختفى بمضى الوقت من كل اللغات السامية باستثناء اللغة العربية. وعلى ذلك فالبحث فى أصوات الحلق فى اللغات السامية أو فى أصوات الاطباق فى اللغات السامية أو فى الأصوات الشفوية فى اللغات السامية يعد من قضايا علم الأصوات المقارن فى اللغات السامية، وذلك لأن هذه البحوث فى مجال الأصوات وتعد بمنهج مقارن. أما من ناحية بناء الكلمة فيتناول علم اللغة المقارن كل ما يتعلق بالأوزان والسوابق واللواحق ووظائفها المختلفة، وعلى هذا فدراسة الضمائر فى اللغات السامية تعد من دراسات علم الصرف المقارن، لأنها فى مجال بنية الكلمة وتتم بمنهج مقارن. وهذه حال البحوث فى أبنية الأفعال فى اللغات السامية، أو : اسم الفاعل فى اللغات السامية أو المصدر فى اللغات السامية، فكل هذه البحوث تدخل فى علم الصرف المقارن للغات السامية. ويعد البحث المقارن فى بناء الجملة مجالا ثالثا من مجالات البحث فى علم اللغة المقارن. إن دراسة الجملة الخبرية فعلية كانت أو اسمية فى اللغات السامية يعد موضوعا أساسيا من موضوعات البحث. وكل القضايا المتعلقة ببناء الجملة فى اللغات السامية تدخل أيضا فى هذه الاطار. من هذه الموضوعات: الاستفهام فى اللغات السامية الاستثناء فى اللغات السامية، المطابقة بين الفعل والفاعل فى اللغات السامية، المطابقة بين العدد والمعدود فى اللغات السامية. ويتناول علم الدلالة المقارن فى اللغات السامية كل ما يتعلق بتاريخ الكلمات وتأصيلها. فهناك عدد من الكلمات السامية المشتركة نجدها فى كل اللغات السامية تارة بنفس المعنى وأخرى بمعنى مقارب، وبحث هذه الكلمات مما يدخل فى علم الدلالة المقارن. وهناك كلمات كثيرة فى اللغات السامية تكونت من مواد مشتركة، وبحث هذه الكلمات الجديدة والتغير الدلالي الذي طرأ عليها يدخل كذلك فى علم الدلالة المقارن . وأهم جانب تطبيقي لعلم الدلالة المقارن هو تأصيل المواد اللغوية فى المعاجم، وتأصيل المواد المعجمية العربية نردها إلى أصولها السامية إن وجدت يعد من الاضافات المهمة التى نجدها – مثلا – فى المعجم الكبير الذى يصدره مجمع اللغة العربية بالقاهرة، وهذه التأصيلات تقوم على علم الدلالة المقارن للغات السامية. 2- علم اللغة الوصفى يتناول علم اللغة الوصفى بالدراسة العلمية لغة واحدة أو لهجة واحدة فى زمن بعينه أو مكان بعينه. ومعنى هذا أن علم اللغة الوصفى يبحث المستوى اللغوى الواحد. لقد ظل علماء اللغة فى القرن التاسع عشر وأوائل العشرين يبحثون فى اللغات بالمنهج المقارن، وكان البحث المقارن هو الشكل الوحيد المتصور للبحث اللغوى . ولكن الباحث السويسرى دى سوسير أثبت بدراسته فى نظرية اللغة إمكان بحث اللغة الوحدة بالتعرف على بنيتها الصوتية والصرفية والنحوية والدلالية. وهذا البحث يرتبط عنده بمستوى لغوى بعينه فى زمن واحد، ومعنى هذا أن البحث الوصفى لا يجوز له أن يخلط المراحل الزمنية أو يخلط المستويات المختلفة. لقد بدأ الباحثون بعد دى سوسير فى تطوير مناهج البحث فى البنية اللغوية ، وزاد اهتمام الباحثين بالمنهج الوصفى فى الخمسين عاما الماضية ، وتكونت فى هذا الاطار عدة مدارس تختلف فى تقنيات الوصف اللغوى، ولكنها تنطلق من الأساسيات التى تكونت عند دى سوسير وعند من جاءوا بعده . لقد أصبح علم اللغة الوصفى سائدا عند أكثر المشتغلين يبحث اللغة فى العالم، حتى إن البعض يتحدث عن علم اللغة الحديث ويعنى علم اللغة الوصفى، وكأنه هو المنهج الحديث الوحيد فى علم اللغة. إن كل البحوث التى تتناول مستوى واحدا من مستويات اللغة بالدراسة الشاملة أو الجزئية لأحد جوانيه تعد من موضوعات علم اللغة الوصفى. فدراسة البنية الصوتية للعربية الفصحى فى القرن الثانى الهجرى، ودراسة البنية الصوتية للعربية المعاصرة، ودراسة المقاطع فى لهجة عمان، تعد من الدراسات الصوتية الوصفية. أما علم الصرف الوصفى فيبحث موضوعات مثل : أبنية الأفعال فى لهجة القاهرة ، أبنية الأسماء فى العربية الفصحى المعاصرة ، المشتقات فى القرآن الكريم، المصدر فى الشعر الجاهلى. وهذه أمثلة لدراسات تتناول بناء الكلمة فى مستوى لغوى بعينه من مستويات اللغة. وتدخل قضايا تحليل بناء الجملة أيضا فى علم اللغة الوصفى، ومن أمثلة بناء الجملة بالمنهج الوصفى : الجملة العربية فى الشعر الجاهلى، الجملة الخبرية فى القرآن الكريم، الجملة الطلبية فى الأصمعيات، الجملة الشرطية عند الْهذليين، جملة الاستفهام فى النثر العربى الحديث . وفى الجانب المعجمى – أيضا – مجالات كبيرة لتطبيق المنهج الوصفى. وهناك معاجم أعدّت لمستوى لغوى بعينه مثل معجم ألفاظ القرآن الكريم وتعد الآن فى اطار خطة الرسائل الجامعية فى كلية الآداب بجامعة القاهرة معاجم يختص كل منها شاعر بعينه أو بكاتب بعينه من كتاب العربية، وهى جهود تهدف إلى تسجيل الواقع المعجمى فى هذه النصوص. وهكذا فان مجالات البحث الوصفى كثيرة، وأية دراسة صوتية أو صرفية أو نحوية أو دلالية لأحد مستويات العربية قديما أو حديثا تعد دراسة وصفية. 3- علم اللغة التاريخى يبحث علم اللغة التاريخى تطور اللغة الواحدة عبر القرون. وبمعنى أدق التغير فى اللغة الواحدة على مدى الزمن. وهناك باحثون يرفضون كلمة التطور فى هذا الاطار باعتبارها نحمل دلالة الارتقاء، أى التغير إلى أفضل، وهذا حكم تقويمى، وهو غير ممكن فى مجال التغير اللغوى ، فليست هناك صيغة أفضل من صيغة وليس هناك صوت أفضل من صوت ولذا يفضل أكثر الباحثين المعاصرين وصف ما يحدث بأنه تغير. وثمة فرق بين أن يقـال بأن اللهجات نتيجة تغيير لغوى أو أنَّها نتيجة تطور لغوى. لقد كان البحوث اللغوية المقارنة ذات سمة تاريخية، ولكنها كانت تحاول أن ترتب المستويات اللغوية واللغات المختلفة المنتمية إلى أسرة واحدة ترتيبا يهتم فى المقام الأول بالصيغ والمستويات المغرقة فى القدم، والتى يمكن أن يتعرف منها الباحث على الصيغة الأصلية أو الشكل الأقدم الذى خرجت عنه باقى الصيغ، ولهذا فقد وصف هذا العمل بأنه تاريخى مقارن. وقد ظل بعض الباحثين يتصور أن علم اللغة التاريخى يمكن أن يكتفى بالمراحل المبكرة فى تاريخ كل لغة من اللغات، أى أقدم المراحل المتاحة وأقربها نسبيا من اللغة الأقدم. ولكن الوضوح المنهجى فى علم اللغة يتبح وجود دراسات وصفية للمستويات اللغوية المختلفة عبر القرون، ويتبح أيضا أن تتكامل هذه الدراسات الوصفية الكثيرة لتمهد الطريق أمام البحث التاريخى اللغوى بالمعنى الدقيق للكلمة، أى البحث فى تاريخ اللغة من أقدم نصوصها المدونة إلى وقتنا هذا … وهناك قضايا كثيرة فى مجالات الأصوات وبناء الكلمة وبناء الجملة والدلالة تدخل فى إطار علم اللغة التاريخى. فدراسة التغير الصوتى فى العربية تعد دراسة صوتية تاريخية، ودراسة صيغ الجموع فى العربية بتتبح توزيعها ونسبة شيوعها فى المستويات اللغوية المختلفة عبر القرون موضوع من موضوعات علم الصرف التاريخى، ودراسة جملة الاستفهام فى العربية عبر القرون تعد دراسة نحوية تاريخية، وكذلك الجملة الشرطية فى العربية وجملة الاستثناء فى العربية. وتعد دراسة التغير الدلالة وما يرتبط بها من اعداد المعاجم التاريخية من أهم مجالات علم اللغة التاريخى. والمعجم التاريخى هو ذلك المعجم الذى يعطى تاريخ كل كلمة من كلمات اللغة الواحدة ويؤرِّخ لَها ابتداء من أقدم نص وردت به إلى آخر نص، بتتبُّع دلالتها وتغيرها. ويعدّ معجم اكسفورد التاريخى للغة الانجليزية من أهم المعاجم للغة من اللغات. وتهدف الدراسات المعجمية الوصفية التى تعد للعربية إلى أن تكون لبنات فى تكوين معجم تاريخى للغة العربية. هناك مجالات كثيرة للبحث اللغوى التاريخى، فالتاريخ اللغوى بأبعاده الكاملة من شأنه أن يعطى صورة واضحة لتاريخ الحياة اللغوية. ولا يقتصر هذا البحث على تغير البنية اللغوية من الجوانب الصوتية والصرفية والنحوية والمعجمية، بل يتناول بالضرورة مستويات الاستخدام اللغوى فى البيئات المختلفة وتغير ذلك عبر الزمن، كما يتناول الانتشار اللغوى ودخول اللغة إلى مناطق جديدة ويبحث أيضا الانحسار اللغوى عن مناطق بعينها. فالعربية مثلا كان لها على مدى عدة قرون وجود فى الاندلس وفى إيران، وكانت لغة ثقافة فى شبه القارة الهندية، ودراسة موجات التعريب من جانب ثم انحسار مجالات استخدام العربية فى بعض هذه المنـاطق يعد من الدراسات اللغوية التاريخية. وعلى ذلك فالتـاريخ اللغوى يتناول دراسة التغير فى البنية اللغوية وبحث التغير فى مستويـات الاستخدام. 4- علم اللغة التقابلي علم اللغة التقابلى أحدث فروع علم اللغة، نشأ بعد الحرب العالمية الثانية. يقوم علم اللغة التقابلى على فكرة بسيطة لاشك أن الكثيرين ممن تعلموا لغات أجنبية أو علموها قد أدركوا الصعوبات. فالصعوبات التى تواجه متعلم لغة جديدة ترتبط فى المقام الأول بالاختلافات بين هذه اللغة الاجنبية واللغة الأم. ويطلق مصطلح “اللغة الأم” أو “اللغة الاولى” على اللغة التى نشأ عليها الفرد أى اللغة التى اكتسبها فى طفولته ، فى بيئته وفى علاقاته الاسرية والاجتماعية المحلية . وعلى عكس هذا فان مصطلح اللغة الثانية يعبر عن اللغة التى يكتسبها الانسان بعد ذلك، ويدخل فى هذا بالضرورة كل اللغات الاجنبية التى يكتسبها الانسان فى المراحل التعليمية المختلفة أو أثناء التعامل المباشر مع أبناء تلك اللغات، ولذلك يطلق على اللغات الاجنبية – فى البحوث الخاصة بتعليم اللغات – مصطلح اللغة الثانية . وفى المجال التعليمى يطلق مصطلح اللغة المنشودة على اللغة التى يراد تعلمها وذلك على عكس اللغة المصدر وهى اللغة الأم أو اللغة الأولى. وبقدر الاختلاف بين اللغة الأولى واللغة المنشودة تكمن الصعوبات. فالاصوات التى توجد فى اللغة المنشودة ولا توجد فى اللغة الأولى تشكل بالضرورة صعوبات ينبغى العمل على تذليلها. وموضوع علم اللغة التقابلى هو المقابلة بين نظامين لغويين مختلفين، هما بالتحديد النظام اللغوى للغة الاولى والنظام اللغوى للغة المنشودة. وقد تجنبنا هنا استخدام كلمة المقارنة لئلا يختلط علم اللغة التقابلى وعلم اللغة المقارن. فعلم اللغة المقارن يقارن اللغات المنتمية إلى أسرة لغوية واحدة ويهتم فى المقام الاول بالاستخدام الأقدم فى هذه اللغات للوصول إلى اللغة التى خرجت عنها كل هذه اللغات، ولذا فعلم اللغة المقارن ذو هدف تاريخى يحاول به كشف جوانب من الماضى البعيد. أما علم اللغة التقابلى فلا شأن له بهذه الاهتمامات التاريخية، ودراساته ذات هدف تطبيقى فى تعليم اللغات. ولذلك فالدراسة التقابلية ممكن بين لغتين من أسرة واحدة أو من أسرتين مختلفتين لا بهدف التعرف على الاصل القديم ولكن بهدف التعرف على الفروق الصرفية والنحوية والمعجمية بين النظامين اللغويين فيمكن مثلا أن تتم الدراسة التقابلية بين العربية والتيجرينية – لغة اريتريا – وكلنا هما من اللغات السامية، ومن الممكن أيضا عمل دراسة تقابلية بين العربية والإندونيسية ، وهما من أسرتين لغويتين مختلفتين. ولا يقتصر البحث اللغوى النقابلى على دراسة الفروق بين لغتين اثنتين فيمكن أيضا أن يكون بين لهجة محلية واللغة الفصيحة المنشودة، فالصعوبات الموضوعية التى تواجه أبناء تلك اللهجة فى محاولاتهم اكتساب اللغة الفصيحة تتجم فى المقام الاول عن الفرق بين هذه اللهجة وتلك اللغة. فالصعوبات التى يواجهها أبناء مصر فى تعلم الاصوات بين الاسنانية وهى الثاء والذال والظاء فى الفصحى والصعوبات التى يواجهها أبناء العراق والجزيرة العربية فى التمييز بين الضاد والظاء والصعوبات التى يواجهها عدد من الفلسطينيين فى التمييز بين القاف والكاف إنما ترجع إلى الفروق بين اللهجة المحلية واللغة المنشودة . ولا يقتصر البحث اللغوى التقابلى على مجال الاصوات بل يتناول أيضا بناء الكلمة وبناء الجملة والدلالة فالأبنية التي تختلف بين اللغة الام واللغة المنشودة والتراكيب التى تختلف بينهما والكلمات التى تختلف دلالتها بين المستويين يمكن التعرف عليها بالدراسة التقابلية، فيكون تذليل هذه الصعوبات بمراعاتهما فى برامج تعليم اللغة . فاذا كانت اللغة الاولى تفتقد بعض الاصوات التى توجد فى اللغة الثانية وجبت العناية بالتدريب النطقى على هذه الاصوات. وإذا كانت بعض الكلمات تستخدم فى اللهجة المحلية بدلالات تخالف اللغة المنشودة كان من الضرورى الاهتمام بالتدريبات التى توضح المعنى الفصيح المنشود . هكذا يمكن أن تقدم الدراسات التقابلية أساسا لغويا موضوعيا لتذليل الصعوبات فى تعلم اللغات. ثالثا : علم اللغة العام يرجع مصطلج علم اللغة العام إلى المحاضرات التى ألقاها اللغوى السويسرى دىسوسير. لقد حاول دىسوسير أن يتناول طبيعة اللغة ووظيفتها وتحدث تفصيلا عن “علم اللغة الوصفى” أو “التزامنى” ثم تناول “علم اللغة التاريخى” ثم “علم اللغة الجغرافى”، ثم بعض القضايا التى تربط اللغة بالعلوم الانسانية، وتتابعت مؤلفات كثيرة بعد ذلك تناولت نظرية اللغة من جانب ومناهج التحليل اللغوى من الجانب الآخر، وفى مقدمة هذه الكتب ما كتبه بلومفيلد Bloomfield وجليسون Gleason وهوكيت Hockett، ومارتينيه Martinet، وياكوبسون Jacobson، وتشومسكى Chomsky، وروبينر Robins، وليونز Lyons، وهذه الكتب تصدر عن فكرة أساسية هى أن اللغة ظاهرة إنسانية عامة يشترك فيها كل البشر، وتتألف اللغة من أصوات تصدر من أعضاء النطق وهى مشتركة أيضا بين كل البشر، ثم تتألف الكلمات فى عدة أنساق لتكون الجمل. وهدف علم اللغة العام أن يطور النظرية العامة للغة والوسائل الدقيقة لتحليل الأصوات والكلمات والجمل والدلالة. ويهتم علم اللغة العام أيضا ببيان العلاقة بين علم اللغة والعلوم الانسانية الأخرى. رابعا : اللغة بين العلوم الانسانية تشترك العلوم الانسانية فى اهتمامها باللغة بوصفها أهم مظاهر السلوك الانسانى ووسيلة الاتصال المكونة للجماعة الانسانية. وهناك أفكار كثيرة عن اللغة نجدها عند المفكرين اليونان والعرب واليهود، وكذلك عند علماء الاجتماع من ابن خلدون ودور كايم إلى المدارس الاجتماعية المعاصرة ، وكذلك عند علماء النفس. ولكن النزوع نحو التخصص الدقيق، فى عصر حدث فيه انفجار للمعرفة فأصبح الاستيعاب الشامل مستحيلا، جعل من الضرورى أن تنشأ تخصصات جديدة تهتم ببحث اللغة فى مقدمتها علم اللغة الاجتماعى وعلم اللغة النفسي. يهتم علم اللغة الاجتماعى بقضايا التفاعل بين اللغة والمجتمع وما أكثر القضايا التى تدخل فى هذا الاطار: الازدواج اللغوى ، مستويات الاستخدام ، تعدد اللغات فى المجتمع الواحد وغير ذلك. وهناك مجال كبير للبحوث اللغوية الاجتماعية فى دول العالم الثالث حيث تتعدد اللغات داخل الدولة الواحدة ، مما يفرض على الباحثين الاهتمام بالمشكلات اللغوية الاجتماعية فى محاولة لفهمها ولا يجاد الحلول المناسبة لها فى اطار الجهود الهادفة إلى إقامة الدولة الحديثة. أما علم اللغة النفسى فيتناول بصفة عامة القضايا التى تتناول العلاقة بين اللغة والقدرات عند الانسان. ويدخل فى هذا التمكن اللغوى ، واكتساب اللغة ، واللغة والمعرفة ، واللغة والفكر، وغير ذلك. وكل العمليات العقلية عند المتحدث قبل صدور اللغة وعند المتلقى عقب صدور اللغة يدخل بحثها فى إطار علم اللغة النفسى. وفوق هذا كله فان تكامل المعرفة الانسانية ضرورة للنمو العلمى. وعلم اللغة مرتبط بعلمى التشريح والفسيولوجيا من حيث التعرف على أعضاء النطق وأعضاء السمع وقيامها بوظائفهما. وعلم اللغة يفيد أيضا من علم فيزياء الصوت ووسائل التحليل الصوتى المختلفة وفى مقدمتها الأجهزة الدقيقة التى طورها علماء فيزياء الصوت. وعلم اللغة يفيد أيضا من الحاسبات الألكترونية فى الحصول على المعلومات الاحصائية اللغوية وفى مقدمتها احصاءات المفردات. ويشترك علم اللغة مع بعض العلوم الطبية فيما يتعلق بعلم أمراض الكلام. وهكذا أدى تنوع المعرفة الانسانية وانفجار المعرفة إلى زيادة حجم المعلومات المتاحة من جانب وإلى ضرورة التعاون بين اللغويين وغيرهم من الجانب الآخر، فنشأت تخصصات جديدة. علم اللغة والمجتمع الإنسانى ليست اللغة بمعزل عن العلوم الأخرى، فلها “ارتباط وثيق بعلوم الطبيعة، فإن الأصوات لغة الكلام، تنتج وتستقبل عن طريق أجهزة الجسم الإنسانى. وتركيب هذه الأجهز ووظائفها جزء من علم وظائف الأعضاء . وكذلك فإن انتقال الصوت على شكل موجات صوتية عبر الْهواء، يدخل فى اختصاص علم الطبيعة ، وبخاصة ذلك الفرع المعروف بعلم الصوت. ولكن اللغة ، من ناحية أخرى ، لَها علاقة وثيقة بعلوم الإنسان، وعلم الاجتماع، باعتبارها نتاج علاقة اجتماعية، ووسيلة نقل الثقافة ، التى تعد من وجهة نظر علم الإنسان، مجموعة تقاليد الشعب، وأوجه استعمالاته للغته. وبالنظر إلى وظيفة اللغة، كتعبير عن الفكر، يمكن اعتبار اللغة جزءا من علم النفس”. ونتناول فى هذ الفصل، علاقة اللغة بالمجتمع الإنسانى، وقد ذكرنا من قبل، أن اللغة نشاط اجتماعى، من حيث إنها استجابة ضرورية، لحاجة الاتصال بين الناس جميعا، ولِهذا السبب يتصل علم اللغة اتصالا شديدا، بالعلوم الاجتماعية، وأصبحت بعض بحوثه تدرس فى علم الاجتماع، فنشأ لذلك فرع منه يسمى : “علم اللغة الاجتماعى”، يحاول الكشف عن العلاقة بين اللغة والحياة الاجتماعية ، وبين أثر تلك الحياة الاجتماعية فى الظواهر اللغوية المختلفة. وقد تنبَّه اللغويون إلى مثل هذه البحوث، بعد أن رأوا الدراسات التى تقوم بِها المدرسة الاجتماعية الفرنسية، التى أنشأها “دوركايم” Durkheim فى أوائل القرن العشرين، وانضم إليها كثير من علماء اللغة فى فرنسا وألمانيا وانجلترا وسويسرا والدانيمارك، وكثير من أساتذة الجامعات فى أوربا وأمريكا. ومن العلماء من لم ينضم انضماما إيجابيا إلى هذه المدرسة غير أنهم تأثروا بعقلية “دوركايم” وبذلك أصبحت بحوث المدرسة الاجتماعية الفرنسية، أساسا للبحوث اللغوية فى كثير من الأحيان, إذ طبقت نظريات علم الاجتماع العام على اللغة، وحاول الباحثون أن يبينوا لنا اثر المجتمع ونظمه وحضاراته المختلفة، على الظواهر اللغة، باعتبار أن الإنسان كائن اجتماعى أولا وقبل كل شيئ ، ولذلك كانت اللغة كائنا حيا كالإنسان سواء بسواء، لأنَّها ألصق الظواهر الاجتماعية به. ويقول فندريس : “فى أحضان المجتمع تكونت اللغة، ووجدت يوم أحس الناس بالحاجة إلى التفاهم بينهم ، وتنشأ من احتكاك بعض الأشخاص الذين يملكون أعضاء الحواس، ويستعملون فى علاقتهم الوسائل التى وضعتها الطبيعة تحت تصرفاتهم، الإشارة إذا أعوزتهم الكلمة، والنظرة إذا لم تكف الإشارة”. وهكذا يرى “فندريس” أن اللغة تنتج من الاحتكاك الاجتماعى، ثم تصبح عاملا من أقوى العوامل، التى تربط أفراد المجتمع الإنسانى، ويرى علماء الاجتماع أن الظواهر الاجتماعية لَها قوة قاهرة آمرة، تفرض بها على أفراد المجتمرع ألوانا من السلوك والتفكير والعواطف، وتحتم عليهم أن يصبوا سلوكهم وتقكيرهم وعواطفهم، فى قوالب محددة مرسومة – على حد تعبيرهم. ويدل على وجود القهر فى الظواهر الاجتماعية – عند علماء الاجتماع – أن الفرد إذا حاول الخروج على إحدى هذه الظواهر الاجتماعية، فإنه سرعان ما يشعر بردّ فعل مضاد من المجتمع الذى يعيش فيه ، ذلك لأن المجتمع يشرف على سلوك أفراده ، ويستطيع توقيع العقاب ، على كل من تسوَّل له نفسه الخروج عليه . وأهون صور هذا العقاب، هو التهكم الشديد، أو السخرية الْمُرّة. والأمثلة على وجود هذا القهر، أن المجتمع لايسمح لنا مثلا أن نتحدث باللغة العربية لمن لايفهمها، ولا أن نحدث العامة مثلا باللغة الفصحى، التى لاتسمو إليها مداركهم، فإن كل من يحاول الخروج على السلوك اللغوى لجماعته، يعد خارجا على الظواهر الاجتماعية نفسها. ويهمنا هنا بالطبع اللغةُ ، من بين الظواهر الاجتماعية ، وهى أداة للتعبير عما يدور فى المجتمع، فهى تسجل لنا فى دقة ووضوح الصورَ المختلفة المتعددة الوجوه لهذا المجتمع، من حضارة ونظم وعقائد، واتجاهات فكرية وثقافية، وعلمية وفنية واقتصادية وغير ذلك. واللغة بدورها تتأثر بكل هذه الظواهر الاجتماعية، تأثرا كبيرا ، فهى بدوية فى المجتمع البدوى غير المتحضر، ولذلك نجدها فيه محدودة الألفاظ والتراكيب والخيال، ليست مرنة ولا تتسع لكثير من فنون القول . أما إذا كانت اللغة فى مجتمع قد أخذ قسطا من الحضارة ، فإننا نجدها متحضرة الألفاظ ، مطردة القواعد ، يسيرة فى نطقها ، خفيفة الوقع على السمع. واللغة فى المجتمع البدائى كثيرة المفردات، فيما يتعلق بالأشياء المحسوسة، والأمور الجزئية، قليلة الألفاظ التى تدل على المعانى الكلية ، فالرجل البدائى “قد توجد لديه كلمات خاصة للدلالة على المعانى الجزئية ، كغسل نفسه ، وغسل رأسه ، وغسل شخص آخر، وغسل وجهه ، وغسل وجه شخص آخر…الخ، فى حين أنه لاتوجد لديه كلمة واحدة، للدلالة على العملية العامة البسيطة، وهى مجرد الغسل”. وكثيرا ما تخلو مدلولات الكلمات، فى هذا المجتمع البدائى، من الدقة، ويكثر فيها اللبس والإبهام، وهى غالبا لا تعبر إلا عن ضرورات الحياة اليومية، ولذلك كانت جملها قصيرة، وروابطها قليلة. ولا يزال بعض هذه اللغات البدائية، يعتمد حتى الآن اعتمادا كبيرا على الإشارات اليدوية والجسمية، لإعطاء المعنى المقصود، من الألفاظ التى ينطقونها، إلى درجة أن الأهالى يوقدون النيران ليلا، لكى يتمكنوا من فهم ما يقال، لأن الإشارات التى تصحب الكلام، تكمل الناقص من المفردات، وتحدد مدلول الكلمات. وتعكس اللغة أثر التفاوت بين طبقات المجتمع. وفى ذلك يقول “ماريو باى”: “من المسلم به أن اللغة تتغير، تبعا للطبقة التى تتحدث بها. وقد صرح بعض هواة اللغويات فى بريطانيا، بأن هناك نوعين من اللغة ، أحدهما وقف على الطبقة الراقية، ولا يمتد استعماله إلى الطبقة الدنيا، والآخر لايستخدمه إلا أفراد الطبقة الدنيا .. وهناك لغات تصل الفوارق الطبقية فيها إلى أبعد من ذلك، فهناك مثلا ثلاثة أنواع للغة (جاوا)، أحدها يتحدث به أهل الطبقة الدنيا ويسمى: نجوكو Ngoko والآخر تستخدمه الطبقة الراقية، ويسمى كراما Krama وثالثا لتسهيل عملية التفاهم بين الطبقتين، ويسمى ماديا Madya. ويتحدث أفراد الطبقة الراقية فى بعض التمثيليات الهندية القديمة: اللغة السنسكريتية، على حين يتحدث أفراد الطبقة الدنيا “اللغة البراكريتية”. ولاشك أن التغير الاجتماعى، فى بيئة من البيئات، يتبعه تغير فى شيئ من اللغة المستعملة فى تلك البيئة. ويكفى أن نذكر بأن قيام ثورة 23 يولي فى مصر، أدى إلى تغير فى النظام الاجتماعى، تبعه اختفاء كلمات مثل: بك، وباشا، وصاحب العزة، وصاحب السعادة، وصاحب الدولة، وصاحب المعالى، وصاحب الرفعة، وصاحبة العصمة، والبرنس، وسمو الأمير، وصاحب الجلالة، والذات الملكية . كما شاعت ألفاظ مثل : ثورة التحرير، والعزة والكرامة، والتأميم، والاشتراكية، والتحول الاشتراكى ، والمكاسب الاشتراكية ، والتقدمية، والرجعية والتطلع الطبقى، والصراع الحتمى، وتذويب الفوارق الطبقية، ونضال الجماهير، والنقاء الثورى، والقيادة الجماعية، والجماهير الكادحة، والعناصر الانتهازية، والمصير المشترك، والسلام القائم على العدل، وفك الاشتباك , وغير ذلك كثير. عـلم الأصـوات علم الأصوات Phoneties هو علم دراسة الأصوات الكلامية الإنسانية وهو يدرس الخصائص المميزة لكل الضوضاء الصوتية الإنسانية human vocal noise غير أنه يعطى أهمية خاصة لتلك الأصوات التى تحدث فى عالم اللغة ، وهو يعلم الناس كيفية التعرف على الأصوات المختلفة التى تحدث فى الأشكال المنطوقة spoken forms لأى لغة ، بل يعلمهم أيضا كيفية إصدارها، إنه يدرب الناس على وصف الطرق المتعددة التى يقوم بها اللسان والشفتان وبقية أعضاء النطق الأخرى لكى تصدر مثل هذه الأصوات، كما يقوم بتدريبهم على المناهج والطرق اللازمة لمعرفة الخصائص الطبيعية لهذه الأصوات عن طريق آلات مختلفة مثل الأوسلوجراف [1] Oscillograph والأسبكتروجراف Spectrograph [2] وهذا الجانب يعرف عادة باسم علم الأصوات الأكوستيكى acoustic phonetics ويسمى الرجل الذى يتخصص فى دراسة الملامح الصوتية للغة عالم الأصوات phonetician. فالأصوات تدرس فى هذا العلم فى ذاتِها ومن أجل ذاتِها، وليس من أجل الوصول إلى غايات جمالية أو اجتماعية معينة، وبناء على ذلك فان العلم الأصوات ما هو إلا دراسة وصفية تجريبية فى المقام الأول، وهو أيضا علم ذو صبغة عامة، بمعنى أنه لا يختص بدراسة أصوات لغة بعينها أو مجموعة من اللغات وإنما يدرس خصائص كل الأصوات الإنسانية أيا كانت لغاتها وهذا الفرع من علم اللغة يعرف باسم علم الأصوات العام General phonetics. ولكن اللغة ليست مجرد ضوضاء إنسانية منطوقة بطريقة عشوائية مثل مناغاة الأطفال وإنما هى ضوضاء موضوعة فى قوالب أو أصوات منظمة. وعلى الرغم من أن الانسان يستطيع أن يصدر مجموعة كبيرة من الأصوات فان أى لغة لا يستعمل إلا عددا محدودا منها. ونشير إلى أنواع الأصوات التى تحدث فى لغة معينة والقوالب التى تحدث فيها باسم النظام الصوتى Sound System تعرف باسم الفنولوجيا phonology. وتختلف الفنولوجيا Phonology عن علم الأصوات فى أن علم الأصوات phonetics يدرس الأصوات دون الالتفات إلى أى لغة بعينها، بينما لا يتعامل الفونولوجى مع الأصوات إلا من خلال وجودها فى سياق لغة محددة فهو يدرس وظيفة الأصوات التى تتميز بها الكلمة عن الكلمة ومجموعة الكلمات عن الأخرى كما تتغير بِها المعانى المختلفة للكلمات، فنحن عندما نتكلم عن نظام الحروف المتحركة vowel system للغة الإنجليزية أو الأصوات الصامتة Consonant Sounds للغة الألمانية أو النبر فى اللغة العربية فنحن نعرض قضايا فنولوجية Phonological . أما عندما نتكلم عن الأصوات الشفوية الصامتة bilabial consonants بشكل عام أو طبيعة التنغيم The nature of melody أو درجة الصوت pitch movement فى الكلام وكل ذلك دون تحديد لوظائفها فان دراستنا هذه تقع بالدرجة الأولى فى نطاق علم الأصوات. كيف يحدث الصوت الإنسانى ينبغى قبل أن نعرف الإجابة على هذا السؤال، أن نتعرف الجهاز النطقى عند الإنسان، وهو عبارة عن التجويف الفمى والأنفى، والحلق ، والحنجرة، والقصبة الهوائية، والرئتي ن. وفى تسمية هذه الأعضاء كلها بالجهاز النطقى، إجحاف بوظائفها الحيوية الأخرى ، إذ علمنا أن الشفتين تستخدمان لتلقى الطعام عند دخوله فى الفم، كما تستخدمان صماما لمنع الطعام أن يخرج من الفم فى أثناء المضغ، كما تستعملان فى المص، بتضبيق الفجوة بين منطقة الضغط الخفيف داخل الفم، والسائل الذى يراد امتصاصه وغير ذلك من الأغراض الأخرى. أما الأسنان والأضراس، فلتقطيع الطعام ومضغه، واللسان لتقليب الطعام فى الفم وتذوقه. أما الأنف والتجويف الأنفى، فليسا إلا حجرة يتكيف فيها الْهواء قبل نزوله إلى الرئتين. أما الحلق فإنه ليس إلا ممرا للطعام والْهواء كليهما. وينتهى الحلق بالحنجرة، وفيها الأوتار الصوتية التى تؤدى وظيفة الصمام للرئتين لحفظها، ولحبس الْهواء فيهما عند الحاجة إليه. أما القصبة الهوائية، فإنها الطريق الذى يمر به الهواء الداخل للرئتين أو الخارج منهما. وأما الرئتان فإنهما لتنقية الدم الموجود بالجسم، بإعطائه الأوكسجين، وتخليصه من ثانى أكسيد الكربون، ثم توزيع هذا الدم الصالح، على أعضاء الجسم بواسطة القلب. وعلى ذلك ” فالنطق فى الواقع، ليس أكثر من وظيفة ثانوية، تؤديها هذه الأعضاء، إلى جانب قيامها بوظائفها الرئيسية، التى خلقت من أجلها، ولهذا فإن عجز الإنسان عن الكلام، لإصابته بالبكم، لا يعنى على الإطلاق عجز أعضائه هذه عن القيام بوظائفها الأخرى، التى تحفظ على صاحبها الحياة، فلسان الأخرس يقوم بجميع الوظائف التى يقوم بها لسان غير الأخرس، فيما عدا الكلام، بطبيعة الحال. ولكل هذا نرى أن الأعضاء التى جرى الاصطلاح على تسميتها أعضاء النطق، لا تنحصر وظيفتها فى إحداث الأصوات، بل إنّ لَها وظائف حيوية أخرى، ويوجد لدى كل حيوان جهاز يماثل أو يقارب الجهاز النطقى لدى الإنسان، غير أن الإنسان استخدم ذكاءه على توالى الأيام والعصور، فاستطاع أن يكيف جهازه الصوتى فى أوضاع مختلفة، مع إخراج الهواء من الرئتين، فأنتج بذلك أصواتا مختلفة المخارج والصفات، يتألف منها كلامه الإنسانى. أما الحيوان فإنه قد يستخدم نقطة ما من هذا الجهاز الصوتى، فيخرج صوتا واحدا متشابها، أو صوتين متواليين دائما. وفيما يلى صورة تقريبية ” للجهاز النطقى ” عند الإنسان : الفـونيم Phoneme الواقع أن هناك العشرات من التعريفات للفونيم phoneme قد طرحت فى كتب اللغة والأصوات والتى صاغها عشرات من علماء اللغة وعلماء الأصوات كل بأسلوبه وبطريقته الخاصة، وقد نبع معظمها من اختلاف المنهج أو النظرة التى تنظر منها إلى “الفونيم” ويزيد من حجم هذه التعريفات التى طرحت ظهور الاختلاف حتى بين أبناء المدرسة الواحدة حول تصور “الفونيم” . ولعل العالم اللغوى الإنجليزى دانيال جونز Danial Jones كان على حق حين أصدر حكما كليا على كل ما قدم من تعريفات للفونيم فقال : “لا يوجد أى تعريف من التعريفات التى سمعت بها لا يمكن مهاجمته ولا أظن أنه من الممكن تقديم تفسير لا يترك منفذا للشذوذ والاستثناءات” (انظر د. أحمد مختار عمر، دراسة الصوت اللغوى، ص: 147) والحق أن هذا هو شأن التعريفات والحدود دائما إذ لا يوجد تعريف مانع جامع كما يقول المناطقة. ولعل أقرب التعريفات منالا هو أن نقول: إن الفونيم هو أصغر وحدة فنولوجية ، أو هو أصغر وحدة صوتية يتغير بها معنى الكلمة إذا استبدلت بوحدة أخرى ، فنحن نقول مثلا – فى العربية “طال” , فإذا أحللنا محل الطاء فى هذا الفعل صادا ولا ندخل أى تغير آخر على الكلمة لتحولت إلى “صال”، وعلى ذلك فالطاء “فونيم” والصاد “فونيم” آخر. وقد يظهر الفونيم فى العربية لا على شكل “حرف” وإنما على شكل “حركة” فكلمة مثل “كرَم” هى اسم فى اللغة العربية ولكن “كرُم” فعل، وعلى ذلك فالفتحة فى العربية “فونيم” والضمة “فونيم” كما أن الكسرة أيضا فونيم لأننا نقول مثلا : “سَفر” بالفتح بمعنى جماعة المسافرين ونقول “سِفر” بالكسرة بمعنى الكتاب، يقال رجل لعنة إذا كان كثير اللعن، ولعنة إذا كان يلعن وكذلك ضحكة وضحكةٌ. المقاطع الصوتية والنبر المقاطع الصوتى، هو كمية من الأصوات، تحتوى على حركة واحدة، ويمكن الابتداء بها والوقوف عليها، من وجهة نظر اللغة موضوع الدراسة، ففى العربية الفصحى مثلا، لا يجوز الابتداء بحركة، ولذلك يبدأ كل مقطع فيها بصوت من الأصوات الصامتة. فالمقطع على هذا عبارة عن “قمة إسماع، غالبا ما تكون حركة، مضافا إليها أصواتا أخرى عادة – ولكن ليس حتما – تسبق القمة أو تلحقها، أو تسبقها وتلحقها، ففى : ah قمة الإسماع، كما هو واضح، هى: a. وفى it هى: i. وفى do هى: o . وفى get هى: e (1) “. ويقول “كانتينو” فى تحديده للمقطع الصوتى : “إن الفترة الفاصلة بين عمليتين من عمليات غلق جهاز التصويت، سواء أكان الغلق كاملا أو جزئيا، هى التى تمثل المقطع. (2) “. وتنقسم المقاطع الصوتية عموما إلى قسمين: قصير وطويل، فالقصير هو ما بدأ بصوت صامت وجاءت بعده حركة قصيرة، ففى كلمة مثل: “كتب” مقاطع ثلاثة قصيرة (Ka + ta + ba) والمقطع القصير بهذا المعنى لا يكون إلا مفتوحا، أى أنه يقبل الزيادة عليه، فإذا زاد عليه شيئ، بأن طالت الحركة، أو أضيف إليه صامت آخر، لم يعد المقطع قصيرا، بل يتحول فى هذه الحالة إلى مقطع طويل. فالمقطع الطويل إذن، هو مابدأ بصامت ثم تلته حركة طويلة، مثل كلمة : “فى” فى اللغة العربية، وهو فى هذه الحالة مفتوح، لأنه يقبل الزيادة عليه. أما المقطع الطويل المغلق، فهو ما بدأ بصامت تليه حركة ثم صامت آخر، مثل كلمة: “من” و”عن” وكذلك ما بدأ بصامت تليه حركة طويلة ثم صامت آخر، مثل كلمة : “باب” فى الوقف. وهناك فى العربية الفصحى إلى جانب ذلك، مقاطع زائدة فى الطول، وهى ما بدأت بصامت، تليه حركة قصيرة، بعدها صامتان آخران متتابعان، مثل كلمة: “بنت” فى الوقف. وخلاصة هذا القول، أن فى العربية الفصحى، خمسة مقاطع هى: 1- مقطع قصير مفتوح = صامت + حركة قصيرة. 2- مقطع طويل مفتوح = صامت + حركة طويلة. 3- مقطع طويل مغلق بحركة قصيرة = صامت + حركة قصيرة + صامت. 4- مقطع طويل مغلق بحركة طويلة = صامت + حركة طويلة + صامت. 5- مقطع زائد فى الطول = صامت + حركة قصيرة + صامت + صامت. ودراسة نظام المقاطع فى أية لغة من اللغات، مما يعين على معرفة الصيغ الجائزة فيها، كما يعين على معرفة موسيقى الشعر وموازينه. حين يتحدث الإنسان بلغته، يميل فى العادة إلى الضغط على مقطع خاص من كل كلمة، ليجعله بارزا أوضح فى السمع مما عداه من مقاطع الكلمة. وهذا الضغط هو الذى يسميه المحدثون من اللغويين “بالنبر”: (Accent) Strees. ويعرف الدكتور تمام بأنه “وضوح نسبى لصوت أو مقطع، إذا قورن ببقية الأصوات والمقاطع فى الكلام (1) . ويقول الدكتور بشر : “معنى هذا أن المقاطع تتفاوت فيما بينها فى النطق قوة وضعفا، فالصوت أو المقطع المنبور، ينطق ببذل طاقة أكثر نسبيا، ويتطلب من أعضاء النطق مجهودا أشد. لاحظ الفرق مثلا فى قوة النطق وضعفه، بين المقطع الأول فى : (ضرب) والمقطعين الأخيرين (ض/ر/ب)، تجد (ض) ينطق بارتكاز أكبر من زميلة فى الكلمة نفسها (3) “. وقد اختلفت آراء العلماء، حول وجود النبر فى العربية الفصخى، ومكانة فى الكلمة، فبينما يقول بروكلمان : “فى اللغة العربية القديمة، يدخل نوع من النبر، تغلب عليه الموسيقية، ويتوقف على كمية المقطع، فإنه يسير من مؤخرة الكلمة نحو مقدمتها، حتى يقابل مقطعا طويلا، فيقف عنده، فإذا لم يكن فى الكلمة مقطع طويل، فإن النبر يقع على المقطع الأول منها (3) ” – يرى برجشتراسر “أنه لانص نستند عليه فى إجابة مسألة، كيف كان حال العربية الفصيحة فى هذا الشأن. ومما يتضح من اللغة نفسها، ومن وزن شعرها، أن الضغط لم يوجد فيها، أو لم يكاد يوجد، وذلك أن اللغة الضاغطة، يكثر فيها حذف الحركات غير المضغوطة، وتقصيرها، وتضعيفها، ومد الحركات المضغوطة، وقد رأينا أن كل ذلك نادر فى اللغة العربية. وإذا نظرنا إلى اللهجات العربية الدراجة، وجدنا فيها كلها – فيما أعرف – الضغط، وهو فى بعضها قوى، وفى بعضها متوسط، غير أنها تتخالف فى موضعه من الكلمة فى كثير من الحالات، فمن المعلوم أن المصريين يضغطون فى مثل : (مطبعة) المقطع الثانى، وغيرهم يضغطون الأول، فلو أن الضغط كان قويا فى الزمان العتيق، لكانت اللهجات – على أغلب الاحتمـال – حافظت على موضعه من الكلمة، ولم تنقله إلى مقطع آخر (1) “. هذا هو رأى “برجشتراسر”. أما أنه ليس لدينا نص، نستند إليه فى معرفة حالة النبر فى العربية القديمة، فهذا صحيح، وأما أن العربية لم تكن تنبر، فإننا نشك فى ذلك الذى قاله برجشتراسر، وهو يغفل فى كلامه التطور اللغوى، وتأثير الشعوب المختلفة، التى عزتها العربية، بعاداتهل القديمة فى النبر، وأثر ذلك فى اختلاف موضعه من الكلمة، كما يبدو لنا الآن، فى تعدد طرق النبر فى مثل كلمة: “مطبعة”. أمـا الدكتور إبراهيم أنيس، فإنه يسلم بأنه “ليس لدينا من دليل يهدينا إلى موضع النبر فى اللغة العربية، كما كان ينطق بها فى العصور الإسلامية الأولى، إذا لم يتعرض له أحد من المؤلفين القدماء. أما كما ينطق بها قراء القرآن الآن فى مصر، فلها قانون تخضع له، ولا تكاد تشذ عنه (2) “. وقد لخص الدكتور إبراهيم أنيس، مواضع النبر فى الكلمة العربية فقال : “ينظر أولا إلى المقطع الأخير، فإن كان من النوعين الرابع والخامس، كان هو موضع النبر، وإلا نظر إلى المقطع الذى قبل الأخير، فإن كان من النوع الثانى أو الثالث، حكمنا بأنه موضع النبر، أما إذا كا من النوع الأول، نظر إلى ما قبله، فإن كان مثله، أى من النوع الأول أيضا، كان النبر على المقطع الثالث، حيث نعد من آخر الكلمة، ولا يكون النبر على المقطع الرابع حين نعد من الآخر، إلا فى حالة واحدة، وهى أن تكون المقاطع الثلاثة التى قبل الأخير، من النوع الأول. (1) “. فالنبر يقع على المقطع الأخير فى مثل : “نستعين” و”ذاكرت” و على المقطع قبل الأخير فى مثل : “تعلم” و يعادى” و “قاتل” و ” يكتب”، كما يقع على المقطع الثالث من الأخر، فى مثل: “كتب” و”اجتمع” وعلى المقطع الرابع من الأخر، فى مثل: “بلحة” و “سمكة”. وعلى الرغم من أن قدامى اللغويين العرب، لم يدرسوا “النبر” بمعنى الضغط على بعض مقاطع الكلام، فإن بعضهم قد لاحظ أثره فى طويل بعض حركات الكلمة، ويسميه ابن جنى : “مطل الحركات”، فيقول مثلا: “وحكى الفراء عنهم: أكلت لحما شاة، أراد: لحم شاة، فمطل الفتحة، فأنشاء عنها ألفا (2) . كما يقول كذلك : “وكذلك الحركات عند التذكر يمطلن … وذلك قولهم عند التذكر مع الفحة فى قمت : قمتا، أى قمت يوم الجمعة نحو ذلك. ومع الكسرة : أنتى، أى: أنت عاقلة ونحو ذلك. ومع الضمة : قمتو، فى : قمت إلى زيد ونحو ذلك (1) “. أما التنغيم، فهو رفع الصوت وخفضه فى أثناء الكلام، للدلالة على المعانى المختلفة للجملة الواحدة، كنطقنا لجملة مثل: “لاياشيخ” للدلالة على النفى، أو التهكم، أو الاستفهام، وغير ذلك. وهو الذى يفرق بين الجمل الاستفهامية والخيرية، فى مثل: “شفت أخوك” فإنك تلاحظ نغمة الصوت تختلف فى نطقها للاستفهام، عنها فى نطقها للإخبار. ولم يعالج أحد من القدماء شيئا من التنغيم، ولم يعرفوا كنهه. غير أننا لانعدم عند بعضهم، الإشارة إلى بعض آثاره فى الكلام، للدلالة على المعانى المختلفة، وكان ابن جنى أحد الذين التفتقوا إلى ذلك، حين يقول (2) : “وقد حذفت اصفة، ودلت الحال عليها، وذلك فيما حكاه صاحب الكتاب من قولهم: سير عليه ليل، وهم يريدون : ليل طويل. وكأن هذا إنما حذفت فيه الصفة، لما دل من الحال على موضعها. وذلك أنك تحس فى الكلام القائل لذلك، من التطويح والتطريح والتفخيم والتعظيم ما يقوم مقام قوله: طويل، أو نحو ذلك. “وأنت تحس هذا من نفسك إذا تأملته، وذلك أن تكون فى مدح إنسان والثناء عليه، فتقول: كان والله رجلا ! فتزيد فى قوة الفظ ب (الله) هذه الكلمة، وتتمكن فى تمطيط اللام، وإطالة الصوم بها وعليها، أى رجلا فاضلا، أو شجاعا، أو كريما، أو نحو ذلك. وكذلك تقول : سألناه فوجدناه إنسانا وتمكن الصوت بإنسان، وتفخمه، فتستغنى بذلك عن وصفه بقولك: إنسانا ! سمحا أو جوادا أو نحو ذلك. وكذلك إن ذممته ووصفته بالضيق قلت: سألناه وكان إنسانا ! وتزوى وجهك وتقطبه، فيغنى ذلك عن قولك: إنسانا لئيما، أو لحزا، أو مبخلا، أو نحو ذلك. المـورفيم Morpheme يمكن أن نعرف المورفيم Morpheme بشكل عام بأنه “أصغر وحدة لغوية ذات معنى فى لغة ما” tidak menunjukan makna hanya dapat membedakan Beruang = ber + uang = 2 morfem وقد وصل علماء اللغة المحدثون إلى هذا التعريف من خلال بحثهم فى مفهوم الكلمة المفردة ومحاولة وضع تعريف علم دقيق لَها، إذا أنهم لم يسلموا بما شاع فى الدراسات اللغوية التقليدية من أن الكلمة هى أصغر وحدة لغوية ذات معنى . ومن العجيب حقا أن مفهوم الكلمة واضح وضوحا تاما بين الناس جميعا عامتهم وخاصتهم الأميين منهم والمثقفين، ومع ذلك فلم يستطع أصحاب المعاجم ولا علماء اللغة – حتى اليوم – أن يجدوا تعريفا دقيقا لَها لأنهم نظروا إلى الكلمة فى صورة مختلفة كلها تصلح لأن تندرج تحت هذا الاسم. فقد نظروا مثلا إلى مجموعة مثل الآتية : رجل – رجال مسلم – مسلمات معدى كرب – سر من رأى ضرب – ضارب – مضروب – تضارب … الخ. يعلمونى – سيعلمونى – أسيعلمونى – أسيعلمونيها. وتساءلوا هل هذه جميعا “كلمات” من نفس النوع والمستوى، وقد كانوا فى تساؤلِهم هذا يبحثون عن أصغر وحدة لغوية ذات معنى، ولم يكن مفهوم الكلمة كما هو معروف لدى عامة الناس أو كما انحدر إليهم من الدراسات اللغوية التقليدية ليوصلهم إلى ما يبتغون. فكلمة (رجال) المفردة مثلا تفيد معنين على الأقل هما: معنى رجل أو الرجولة بالاضافة إلى معنى الجمع Plural الذى دل عليه إضافة صوت – /1/ إلى كلمة “رجل” مع إبدال حركة الراء فى أول الكلمة من الفتح إلى الكسر. أما كلمة “يدرسون” مثلا ففيها بالإضافة إلى معنى الدرس – وهو معنى ثابت لا يتغير – عدة معان أخرى متغيرة دلت عليها اضافات وتغيرات فى بنية الكلمة الأصلية أو الجذر. ففيها ما يشير إلى الزمن الحاضر أو المستقبل وفيها ما يدل على أن الفاعل هو الغائب وفيها ما يدل على الجمع وغير ذلك. أما الكلمات الأخيرة فى المجموعة السابقة فكل منها جملة تامة فى اللغة العربية. إن أمورا كهذه ، وإن اختلاف التعبير عنها من حيث الصوت والطريقة فى اللغات قد حفزت العلماء إلى طرح المفهوم التقليدى للكلمة جانبا والبحث عن مفهوم آخر للتعبير عن أصغر وحدة لغوية ذات معنى يمكن أن تصلح أساسا لتحليل جميع اللغات ومن ثم وصلوا إلى مفهوم المورفيم كما أشرت إليه من قبل. وقد قسم العلماء المورفيمات إلى نوعين : 1- النوع الأول : وأطلقوا عليه اسم المورفيم الحر Free Morpheme أى الذى يمكن استعماله بحرية كوحدة مستقلة فى اللغة مثل : رجل، نام، كبير، إلى، فوق …الخ. (يقوم بنفسه ويدل على معنى) 2- النوع الثانى: وأطلقوا عليه اسم المورفيم المقيد Bound Morpheme(مالايستقل بنفسه) وهو الذى لا يمكن استخدامه منفردا بل يجب أن يتصل بمورفيم حر أو مقيد وأمثلة هذا النوع : الألف والنون : للدلالة على معنى المثنى، كما فى كلمة “مدرسان” الواو والنون : للدلالة على معنى الجمع والتذكير، كما فى كلمة “مدرسون” التاء المربوطة : للدلالة على معنى التأنيث، كما فى كلمة “صغيرة” الألف والتاء : للدلالة على معنى التأنيث والجمع، كما فى كلمة “مدرسات” وغيرها كثير فى اللغة العربية. كما قسموا هذه المورفيمات المقيد إلى نوعين رئئسيين : 1- النوع الأول : ويدخل فى الاشتقاق Derivational Morphemes ومن ذلك ما يطرأ على الفعل المجرد فى اللغة العربية من اضافات وتغيرات لينتج عنها ما نسميه بالأفعال المزيدة مثل: قاتل من قتل، وانفجر من فجر، وعلم من علم. ومثل ذلك أيضا ما يطرأ على الجذر من تغيرات وزيادات لكى نكون منه عددا من الأسماء المشتقة مثل المصدر واسم المرة واسم الهيئة واسمى الزمان والمكان وصيغ المبالغة وغير ذلك. 2- النوع الثانى : وهو ما يطرأ على الأفعال والأسماء والصفات حسب موقعها فى الجملة مثل الإعراب بالحركات والحروف. وتسمى هذه Inflecting Morphemes أى أنها متصلة اتصالا وثيقا بعلم النحو. وعلى الرغم من تعرض المورفيم للنقد الشديد فى الآونة الأخيرة، وعلى الرغم من ظهور بعض الصعوبات فى تطبيقه أحيانا على بعض اللغات إلا أنه مازال أداة صالحة يمكن الاستفادة منها فى التحليل اللغوى لبعض اللغات. • مكتوبان 1- 2- : (م-و) يدل على اسم المفعول 3- مقيد الاعراب : (ان) يدل على مثنى كُتُبٌ 1- حر : كتب يدل على الكتاب 2- مقيد الاستقاق :الضمة وحذف ألف يدل على الجمع بنـاء الجملة ولنحاول الآن إبراز مجال دراسة بناء الجملة مفرقين بينه وبين بناء الكلمة، فبناء الكلمة يعنى بوسائل تكوين الكلمات من الوحدات الصرفية المختلفة، وبناء الجملة يدرس كيفية تكوين الجمل من الكلمات المختلفة، فعندما نقارن مثلا الجمل التالية : قام محمد، قام الفتى، قامت سلوى، قامت هند، قام هانز، نلاحظ أن الاسم التالى للفعل قام فى نفس المرجع فى الجملة، وهو كما يقول النحاة فاعل الجملة، فهو من هذه الناحية فى موضع بعينه ليؤدى وظيفة بعينها فى الجملة وهى الفاعلية، ولكنا نلاحظ اختلافا بينا فى النهايات الاعرابية لهذه الأسماء ؟ ففى قام محمد نجد الفاعل بضمة وتنوين، وفى قام الفتى نجد الفاعل بدون ضمة وبدون تنوين ونفس هذا فى كلمة سلوى، أما هند رغم كونها لعلم مؤنث مثل سلوى، فتنتهى هنا بضمة دون تنوين، وأما هانز فهو علم أجنبى ولا ينتهى هنا بضمة، فما الذى أحدث هذا التباين فى هذه النهايات ؟. إن الاختلاف فى النهايات الإعرابية يفسر بمحورين، المحور الأول بناء الكلمة والمحور الثانى الموقع فى بناء الجملة. وإذا كنا قد لاحظنا أن الموقع فى الأمثلة المذكورة لم يتغير، فلا شك أن تغير هنا يفسر ببناء الكلمة، وهذا صحيح، فكلمة “الفتى” وكلمة “سلوى” من المقصور، وهذا الضرب من الأسماء يلزم حالة واحدة فلا تتغير نهايته الاعرابية فى الرفع أو فى النصب أو فى الجر فعدم التغير هنا يرجع إلى البنية الصرفية أى بنية الكلمة، أما كلمة “هند” فأدرجها النحاة بين ما يطلق عليه الممنوع من الصرف، والصرف هو التنوين أى أن هذه الكلمة تدخل فى ذلك الضرب من الأسماء التى لاتنون، ومن ثم كانت فى التركيب المذكورة بضمة دون تنوين، أما هانز فهو كما نعلم اسم لعلم أجنبى، وهذا الاسم شائع فى ألمانيا والبلاد المحيطة بها وعندما يستخدم هذا الاسم فى قراءة الأخبار أو فى التقارير العلمية المدونة بالعربية لا يفكر أحد فى إلحاق ضمة أو كسرة أو فتحة، ولو فعل فارئ هذا لضحك منه مستمعوه، وهذا نلاحظ أن هذا الاسم يلزم حالة واحدة لا تتغير ولا تظهر فيها علامة إعراب، فالعامل الحاسم فى الاختلاف فى النهايات بين كلمات فى نفس الموقع النحوى لا يمكن إلا فى البنية الصرفية أى فى بنية الكلمة. وكى نستطيع إبراز الفرق بين مجال بناء الكلمة وبناء الجملة نورد مثالا آخر فعندما نقول : جاء محمد، التقيت بمحمد، نلاحظ اختلافا فى النهايات الإعرابية فاذا اتفقنا على جعل دراسة إمكانية التغير فى النهايات من بناء الكلمة خرجنا مثلا من دراسة البنية الصرفية لكلمة “محمد” أنها تظهر فى ثلاثة أشكال مختلفة، محمد، محمدا، محمد، وهنا نسأل ما الذى يحدد استخدام هذه الكلمة – بهذه النهاية دون تلك، وهنا يأتى دور بناء الجملة، فنقول مثلا: إن هذا الاسم فى : جاء “محمد” ورد مرفوعا ويؤدى وظيفة الفاعلية، وفى : رأيت محمدا جاء منصوبا لأنه مفعول به، وأما فى : التقيت بمحمد، فهو تال لحرف جرا فجاء مجرورا. فتحديد الوظائف المختلفة فى الجملة والتغيرات المصاحبة لها من مجال دراسة بناء الجملة. الجملة بين النحاة والبلاغيين : ورب قائل يقول : أليس هذا هو جهد النهاة العرب ؟ وهنا نقول بأن البحث الحديث يفيد من كل الجهود العلمية السابقة ويتجاوزها نحو مزيد من الدقة والتفسير فللنحاة العرب جهد مشكور فى دراسة بناء الجملة، ويكفى أن ننظر فى كتاب سيبويه صاحب أقدم مؤلف وصل إلينا فى النحو العربى من القرن الثانى الهجرى لنجد دراسات قيمة فى بناء الجملة العربية. ولكن أهم فرق يميز البحث الحديث فى بناء الجملة عن البحث العربى يمكن فى أن الجهد العربى دار حول محول نظرية “العامل” بينما يضع للبحث الحديث هدفه دراسة التركيب الشكلى لعناصر الجملة وسيلة للتعبير عن “معنى”. ومن ثم يعد المعنى غصرا مهما فى دراسة بناء الجملة. ونوضح هذا بالنظر فى بحث النحاة للفعل المضارع بعد “حتى” فقد لاحظوا أنه فعل منصوب، نقول مثلا : حتى أدخا، أو حتى أخرج أو : حتى نعمل… الخ. وهنا يمكن أن نقول على نحو وصفى مباشر إن هذا التركيب يتكون من : “حتى + فعل مضارع منصوب، ولكن النحاةطرحوا بعد ذلك السؤال التقليدى عن العامل فى كون هذا الفعل المضارع منصوبا. ورب قائل يقول: العامل هو كله : “حتى” فيرفض أكثر النحاة مقررين خطأ هذه المقولة، ويعال النحاة هذا برأيهم فى “العامل” فالعامل عندهم لا يعمل إلا مختصا، فللأفعال عواملها وللاسماء عواملها، وليس ثمة عوامل تعمل فى الأفعال والأسماء وهنا يتساءل النحاة : هل “حتى” من عوامل الأسماء أم من عوامل الأفعال، فيقول أكثرهم : انها من عوامل الأسماء فهى تجر الاسم مثل : (حتى مطلع الفجر) وإذا كانت كذلك فلابد من كونها مختصة بالأسماء، أى أنها لا تؤثر إلا فى الأسماء، ولابد أ، يكون ما بعدها اسما، وهنا يقول أكثر النحاة : إن التركيب “حتى + فعل مضارع منصوب” ينبغى أن يفسر تقديرا لشيئ لا وجودله فى التركيب استدعته النهاية وهذا ما يتحفظ علم اللغة الحديث فى القول به، فهو يعنى بالتركيب الموجود فعلا واصفا له محددا وظيفته، أما التساؤل حول “العامل” وتخصيصه وتقديره وما شاكل ذلك فيتجاوز النطاق الذي رسمه علم اللغة الحديث مجالا لبحثه. إن علم اللغة الحديث يدرس التركيب واصفا له محللا له فى اللغة الواحدة أو مقارنا إياه فى المجموعة اللغوية، وهنا نقول أن تعميق البحث يتم بأدوات تختلف عن الجدل المنطقي فى نظرية العامل والاختصاص. ولنوضح طبيعة جدل النحاة فى موضوع العامل بمثال آخر فقد لاحظوا ورود الفعل المضارع منصوبا بعد: كى، لكى، كى لا، لكى لا، كى ما. وكان من الممكن الاكتفاء فى وصف هذا بمعادلات بسيطة على غرار: “كى + فعل مضارع منصوب”، ولكنهم طرحوا السؤال حول العامل، والعامل لابد أن يكون واحدا ولا يجوز أن يتعدد، فقام النحاة بعملية تحليلية معقدة ففى الآية (لكى لا يكون على المؤمنين حرج)، حللوا “لكى” فجعلوا اللام حرف جر وجعلوا كى والفعل بعدها مصدرا مجرورا باللام، إن مثل هذه الظواهر يبحثها علم اللغة الحديث بأسلوب معادلات تشبه المعادلات الرياضية بتساؤل دائم حول الوظفية والمعنى والغرض، وفعـالية التركيب فى التغيير عن معنى. هذا وقد أدى اختلاف نظرة للغويين الْمحدثين للجملة عنه عن النحاة العرب إلى مباحث لم تنل حقها من الاهتمام فى كتب النحو التقليدية، فالشرط مثلا، أو بمعنى أدق “جملة الشرط” عرفها النحاة لا كأسلوب قائم برأسه متنوع الانماط مختلف الدلالات، بل تناولوها ضمن مباحث “جزم المضارع” فاقتصروا فى بحثهم لها على بحث العامل، فإذا كان التركيب: (أن تكتب أكتب) دار بحثهم حول العامل فى ذلك الجزم الذى حل بالفعل الأول وبالفعل الثانى، واختلفوا فى هذا اختلافا جزئيا لا يخرج عن هذا الإطار، ولكن أهذا كل ما يمكن أن يبحث فى جملة الشرط العربية ؟ هناك جعل شرط لاعلاقة لها بالمضارع ولا علاقة لها بالجزم. فما مكانها فى نظرية العامل التى دار حولها البحث فى بناء الجملة عند النحاة العرب ،، فنحن نقول: “إن كتبت كتبت”، فلا نستخدم فعلا مضارعا بل فعلين ماضيين، وجملة كهذه لامكان لها بين أنماط جملة الشرط فى كتب النحو العربى، لا لأن هذا التركيب حديث فى العربية بل لأن النظرة إلى جملة الشرط فى تكاملها فى البنية والدلالة نظرة حديثة معمقة، وقد سجل اللغويون المحدثون أنماطا مختلفة من جملة الشرط العربية، وبعض هذه الانمـاط لم يكن موضع اهتمام النحاة العرب، وذلك مثل : (إن + جملة فعلية ذات فعل ماض + جملة فعلية ذات فعل ماض) نحو: (إن قاتلونا قاتلناهم)، أو (إن + جملة فعلية ذات فعل ماض + لم + جملة فعلية ذات فعل مضارع) مثل: إن افترقتم لم تجتمعوا بعدها أبدا”. ويزداد الأمر تنوعا إذا لاحظنا الأزمنة المركبة واستخدامها فى جملة الشرط، وذلك مثل : (إن كنت أصبت فى … فقد أخطأت فى …) أما الشرط باستخدام “إذا” و “لو” فلم يدرس عند النحاة العرب كأسلوب قائم برأسه بتريه وعلاقاته ودلالته بحثا مفصلا، وكان حسبهم هنا ضروبا من التقدير، ففى الجملة (إذا السماء انشقت) قدروا لاعتبارات نظرية بحتة فعلا بين إذا والفاعل، وانصرف اهتمامهم إلى الاعراب والعامل وتقديره وعمله. ومن الأخطاء الشائعة عن اللغة العربية أنها لا تعرف مقابلا لما يطلق عليه فى اللغات الأوربية اسم الأزمنة المركبة، والواقع أن النحاة العرب لم يدرسوا هذه الظاهرة رغم وجودها فى أشكال مختلفة فى اللغة العربية ونحن اليوم نفرق بين (كتبت) (وكنت كتبت). (وكنت قد كتبت)، لكل تركيب معناه الخاص به. والاهتمام بالمعنى يؤدى إلى المباحث التى عرفت عند القدماء باسم “علم المعانى”، أى : معانى النحو. ويكفى أن ننظر فيها لنجد فصولا فى بناء الجملة فهم يفرقون مثلا بين الخبر والطلب تفريقا بارعا، ولو طبقنا هذا لاتضح لنا مدى خطأ رأى النحاة فى تقدير فعل عامل فى المنادى. فقد قدروا فى تركيب مثل: (ياكبير القضاة)، (أنادى كبير القضاة) ورغم كل المحاولات النظرية لتفسير هذا، فالثابت أن التركيبين مختلفان أساسا، فالأول طلبى والثانى خبرى كما يقول البلاغيون، لجهود البلاغيين العرب لها مكانها وتقديرها فى دراسة الجملة العربية وهى المكمل الطبيعى لجهود النحاة فى هذا الميدان. ولننظر مثلا فى دراسة البلاغيين لصيغ الأمر فى العربية، نجد عندهم الأمر (اكتب، اكتبى،اكتبا، اكتبوا، اكتبن) والأمر بالمضارع المقرون بلام الأمر (لتكتب. لتكتبى … الخ). واسم فعل الأمر (حذار، صه) والمصدر الغائب عن الفعل الأمر نحو: (وبالوالدين احسانا) فدراسة البلاغيين لهذه الإمكانيات التعبيرية للام فى العربية اسهام طيب لإدراك الوسائل المختلفة التي يعبر بها عن الأمر فى العربية. وشبيه بهذا ما فعله البلاغيون فى دراسة الاستفهام وأساليبه المختلفة، فهناك استفهام بهل وبالهمزة وباستخدام من وما ومتى وكيف وأين … الخ. ودراسة تكوين الجملة الاستفهامية بأدواتها وعلاقتها ومعناها مما يدخل فى علم اللغة الحديث فى دراسة بناء الجملة. وقديما شغل كثير من النحاة بالنهاية الاعرابية وأخذ عليهم البلاغيون عدم الاهتمام بالمعنى، فتمزق الشكل والمضمون، فهل لنا أن نأخذ بهما مجتمعين ؟. لقد درست كتب النحو الإستثناء مركزة البحث علي العامل في المستثنى وكأن النهاية الاعرابية جوهر الأمر، فأكمل البلاغيون هذا الجهد بمحاولة طيبة لدراسة القصر، فهناك تراكيب مختلفة للقصر العربية، منها (لا…إلا)، و (لم…إلا)، و (لن…إلا)، و (إنما…) الخ. شغل النحاة هنا بالنهاية الإعرابية لما بعد أداة الاستثناء فاعلين بين أداة النفي المقدمة وأداة الاستثناء. التي جاءت بعدها، والأسهل أن يدرس التركيب كأسلوب قصر ذي أداة مركبة، على نحو ما نجد عند البلاغيين وعند اللغويين المحدثين وعلى نحو ما نجده في لغات أخرى كالإنجليزية not…but أو الفرنسية ne..que وصفوة القول: أن الدراسة الحديثة في بناء الجملة تهتم بترتيب الوحدات الصرفية في الجملة وتراعى الإعراب وتغيره التعبير عن المعاني المختلفة وهذا مما بحث قديما بين علي النحو والبلاغة. علم الدلالة (Semantics) علم الدلالة , أو دراسة المعنى فرع من فروع علم اللغة , وهو غاية الدراسات الصوتية والفونولوجية و الصرفية والنحوية والقاموسية , إنه قمة هذه الدراسات . وإذا كانت الدراسات الصوتية والفونولوجية والصرفية والنحوية والقاموسية لم ينهض بها عادة إلا اللغويون , فإن النظر فى المعنى موضوع شارك فيه علماء ومفكرون من ميادين مختلفة , شارك فيه من قديم الفلاسفة والمناطقة خاصة , وشارك فيه علماء النفس وعلماء الاجتماع والأنثروبولوجيا حديثا , وأسهم فيه علماء السياسة والإقتصاد وجماعات من الفنانين والأدباء والصحفيين . وذلك لأن “المعنى” اللغوي من شأنه أن يشغل المتكلمين جميعا على اختلاف طبقاتهم ومستوياتهم الفكرية لأن الحياة الاجتماعية تلجىء كل متكلم إلى النظر فى معنى هذه الكلمة أو تلك , أو هذا التركيب أو ذاك . وهكذا أدلى كل متكلم تقريبا فى هذه المشكلة الخطيرة . و قد نجم عن اشتراك اللغويين وغير اللغويين من أصحاب العلوم والأفكار المختلفة أن ظهرت نظريات كثيرة ومناهج عدة فيما يتعلق بالمعنى من حيث تحصيله وماهيته ودراسته . وكما نجم عن ذلك خلط كثير وإساءة فهم لمشكلة ” المعنى” حتى لقد ضجر كثير من الغربيين المحدثين من الكلمة الدالة على ” المعنى” ومن سوء استعمالِها ومما توقع فيه من مشكلات , ودعا الى تجنب استعمالِها . ولكن ما من شك فىأن تجنب استعمال هذه الكلمة شيء, وبقاء التصور الذي تدل عليه شيء آخر, فكل لغوي يستعمل هذا التصور , والثابت أن علم اللغة لا يتيسر له أن يقوم دون هذا التصور . وكما رأينا أن ” الأصوات” و “الفونولوجيا” و ” النحو” تدرس باعتبارين مختلفين : الاعتبار الأول هو الوصف الثابت , والاعتبار الثاني هو التاريخي المتحرك المتطور , فكذلك دراسة المعنى : تدرس من الناحية الوصفية فندرس معاني الكلام فى لغة من اللغات فى فترة من فترات استعمالـها فى مكان محدود , وتدرس من الناحية التطورية , فندرس تغير معاني الكلام فى لغة من اللغات من عصر إلى عصر من مراحل تاريخها . مدارس علم اللغة الحديث وقد شهد القرن العشرون مدارس لغوية وصفية متعددة، أهمها : 1- المدرسة اللغوية البنيوية : Structural Linguistics 2- مدرسة النحو التوليدى التحويلى : Transformational – Genetarive Grammar 3- مدرسة القوالب :Tagmemic Analysis وفيما يلى نكشف النقاب عن خصائص كل مدرسة من هذه المدارس: (1) المدرسة اللغوية البنيوية : يعد “دى سوسير” من العلماء الأوائل، الذين مهدوا الطريق لهذه المدرسة، فى محاضراته بجامعة جنيف (1906-1911) التى جمعها طلابه بعد وفاته سنة 1913 م فى كتابه المشهور : “محاضرات فى علم اللغة العام” وأصدروه سنة 1916 م بالفرنسية، ثم ترجمة Wade Baskin بعنوان: Course in General Linguistics فى عام 1959م. وقد فرق “دى سوسير” بين ما يمكن أن يسمى باللسان La Langue وما يمكن أن يسمى بالكلام La Paroleأما اللسان فيقصد به أنواع الأنظمة وأنماط الابنية، التى تعود إليها منطوقات اللغة. أو هو بعبارة أخرى : نظام من المواضعات والإشارات، التى يشترك فيها جميع أفراد مجتمع لغوى معين، وتتيح لهم من ثمة الاتصال اللغوى فيما بينهم. وأما الكلام، فهو فى رأى دى سويسر : كلام الفرد، أو المنطوقات الفعلية نفسها. (1) ويتصف اللسان بأنه اجتماعى، وجوهرى، ومجرد، ومستقل عن الفرد، بعكس الكلام الذى يتوقف على الإراداة والذكاء عند الفرد. (2) وقد تمكن دى سوسير بذلك من تفسير طبيعة نظام اللغة، وتنوع الفرد للغة. وكان يعتقد أن اللسان – وهو نظام اللغة المقصود (التحتى) – هو الموضع الصحيح للدراسات اللغوية، لأنه يشتمل على أنماط منتظمة، يرغب علماء اللغة البنيويون فى اكتشافها ووصفها. كما بين “دى سوسير” أن كل لسان ينبغى أن يتم تصوره ووصفه على أنه نظام من العناصر المترابطة، على المستويات الدلالية والنحوية والصوتية، لاعلى أنه تراكم من كيانات قائمة بذاتها. وقد عبر عن نظريته تلك بقوله : “إن اللسان شكل لامادة”. وعلى هذا المدخل البنيوى للغة، يقوم صرح علم اللغة المعاصر بأسره، وهو الذى يسوغ دعوى “دى سوسير” باستقلال علم اللغة، ليصبح علما قائما بذاته (3) . وممن تأثر بنظرية دى سوسير: العالم “فرانز بوعز” Franz Boas الذى كان مهتما – وهو من علماء الأنثروبولوجيا – بالوصف المفصل للفونولوجيا، أى النظام الصوتى فى لغة من اللغات، ثم ينتقل بالتالى إلى وصف المورفولوجيا أو النظام الصرفى فيها فى مستوى الكلمة (Word) والعبارة (Phrase). وقد نادى “بوعز” بضرورة دراسة كل لغة على حدة، وفقا لأحوالها الخاصة. وقد أصبح رأيه هذا فيما بعد، أحد المعتقدات الأساسية فى الدراسات الوصفية فى أمريكا. وجاء بعد “بوعز” تلميذه : “إدوارد سابير” Edward Sapir الذى كان يؤمن بضرورة وصف كل لغة، وفقا لأحوالها الخاصة، كأستاذه، ولكنه لم يكن مؤمنا بالفئات أو الوحدات اللغوية المتواضع عليها كأجزاء الكلام، بل كان يرى أن الوحدات الأساسية، كالاسم والفعل، والعمليات النحوية الأساسية، كتركيب الكلمات – هى أمور قائمة فى جميع اللغات التى يحتمل أن تكون لها عناصر كلية مشتركة، وذلك فى المستويات الأساسية الكبيرة، التى تقوم عليها اللغات (1) وكان تركيز “سابير” على العقل والفكر، موضع اهتمام علماء اللغة التحويليين. وجاء بعده “بلومفيلد” Leonad Blommfield الذى أسهم فى تطوير المدرسة اللغوية النبوية، وتوضيح قوانينها، ووضع مناهجها الأساسية. وقد هيمن كتابه: “اللغة” Language الذى نشر سنة 1933 م، على معظم الدراسات اللغوية، فى السنوات الثلاثين التالية لصدوره. وكان “بلومفيلد” من أتباع المدرسة السيكولوجية فى دراسة اللغة، مما جعله يرفض تركز “سابير” على العقل، ويقصر عمله على مراقبة الظواهر الخارجية القابلة للقياس، والتى يمكن فيها تطبيق مبدأ “المثير” و “الاستجابة”. كما اهتم بالقياس اللغوى، مع عدم الانصراف عن أخذ المعنى فى الحسبان. وإن كان يقرر (1) أن اعتبار المعانى يعد أضعف نقطة فى دراسة اللغة. وهو يعتقد أن وصف لغة من اللغات ينبغى أن يبدأ بالمورفولوجيا أو الصرف، ونظام الجملة، بل إنهم ذهبوا شوطا بعيدا حين حاولوا استبعاد المعنى من دائرة التحليلات اللغوية. وتتبع هذه المدرسة فى تحليل الجملة منهجها مبنيا على أساس أنها مؤلفة من طبقات من مكونات الجملة، بعضها أكبر من بعض، إلى أن يتم تحليلها إلى عناصرها الأولية من الكلمات والمورفيمات. وفيما يلى مثال يبين بشكل مجرد، مختلف العلاقات القائمة بين العناصر المختلفة التى تكون الجملة: (2) الجملة يكتب المعلمون النشيطون مقالة يكتب المعلمون النشيطون مقالة (مقالتين) ى + كتب المعلم + ون النشيط + ون مقالة + ين ال + معلم + ون ال + نشيط + ون مقالة كتب معلم نشيط مقالة كتب علم نشط قال (2) مدرسة النحو التوليدى التحويلى : أدت الرغبة إلى تبنى منهج عقلى فى دراسة اللغة، إلى نشوء طريقة جديدة عند علماء اللغة الأمريكان، أطلقوا عليها اسم : “علم اللغة التحويلى” Transformational Linguistics وقد رفضت هذه المدرسة الجديدة كثيرا من الأسس التى ارتضتها المدرسة البنيوية، من النواحى التالية: 1- فمن حيث الموضوع، كانت المدرسة البنيوية تتخذ من النصوص اللغوية موضوعا لدراستها، على حين اتخذت المدرسة التحويلية من قدرة المتكلم على إنشاء الجمل التى لم يكن سمعها من قبل، موضوعا لها. 2- ومن حيث أسلوب الدراسة والتحليلى، كانت المدرسة البنيوية تعتمد على وسائل الاستكشاف، على حين يؤمن التوليديون بضرورة الحدس والتخمين، ثم إجراء الاختبار، لتقويم الفروض المتضاربة. 3- ومن حيث الهدف، كان البنيويون يحاولون بدراستهم القيام بتصنيف عناصر اللغات المدروسة، اللغات على حين جعل التوليديون تعيين القواعد النحوية الكامنة وراء بناء الجملة هدفا لهم. وهذا يعنى الكشف عن وجود عدد غير متناه من الجمل فى أية لغة، وتوضيح أى نوع من سلاسل الكلمات تشكل جملا، وأيها لا يشكل جملا. وكذلك وصف البنية النحوية لكل جملة (1) . 4- وعلى حين كان البنيويون يرون أن لكل لغة بنيتها التى تتفرد بها، يرى التوليديون أن اللغات تتشابه على مستوى المقصود (العميق) من المعانى، ويحاولون الكشف عن هذه التشابهات الكلية. 5- كان كثير من البنيويون يستبعدون المعنى من دراستهم للغة أن الكلام عن التحليل اللغوى بلا إشارة للمعنى، شبيه بمن يصف طريقة صنع السفن دون الإشارة إلى البحر (1) ، ولذلك يعد التحوليون اعتبار المعنى فى التحليل اللغوى، أمرا ضروريا فى شرح العلاقة بين الجمل، التى تحمل نفس المعنى وتختلف فى ظاهر تراكيبها. وعلى رأس علماء المدرسة التحوليدية فى دراسة اللغة: “هاريس” Harris وتلميذه “تشومسكى” Chomsky . وقد كان لهما أكبر الأثر فى نشوء علم اللغة التوليدى والتحويلى. أما “التوليدى” فهو علم يرى أن فى وسع أية لغة أن تنتج ذلك العدد اللانهائ، من الجمل التى ترد بالفعل فى اللغة. وأما “التحويلى” فهو العلم الذى يدرس العلاقات القائمة بين مختلف عناصر الجملة، وكذلك العلاقات بين الممكنة فى لغة ما (2) . ويعد “هاريس” الأب الحقيقى لعلم اللغة التحويلى، و “تسومسكى” الأب الحقيقى لعلم اللغة التوليدى. كما أدخل الأخير كثيرا من التعديلات على علم اللغة التحويلى عند “هاريس”. وقد نشر “هاريس” بحوثه بين 1952 و 1957 م، وعرف التحويل بأنه عملية نحوية تغير ترتيب المكونات فى داخل جملة ما، وبوسعها حذف عناصر أو إضافتها أو استبدالها (3) . وقد ميز “هاريس” بين مجموعتين فرعتين من الجمل النحوية الكلية، القائمة فى لغة كالإنجليزية مثلا : 1- الجمل النواة Kernelsentences 2- الجمل غير النواة Nonkernelsentences ويمكن الفرق بين هاتين المجموعتين الفرعتين، فى أن الجمل غير النواة، يتم اشتقاقها من الجمل النواة، بواسطة قواعد تحويلية. مقال ذلك من العربية جملة مثل : “سرق اللص البنك” فهى جملة نواة، يمكن أن تشبتق منها جملة غير نواة، نحو : “سرق البنك” وتبدو العلاقة التحويلية بين هاتين الجملتين على النحو التالى : فعل متعد مبنى للمعلوم + مورفيم المعلوم + اسم (1) + اسم (2) فعل مبنى للمجهول + مورفيم المجهول + اسم (2) فقد استبدل فى أثناء عملية التحويل، مورفيم البناء للمجهول بمورفيم البناء للمعلوم، كما حذف الفاعل (الاسم رقم 1) من الجملة النواة، وتحول المفعول به (الاسم رقم 2) إلى نائب فاعل. وهكذا نرى التحويل هنا يقتضى الحذف والاستبدال، وإعادة ترتيب المكنونات. أما “تشومسكى” فقد لاحظ، وهو يحضر للدكتوراه فى جامعة بنسلقانيا، أن المنهج البنيوى الذى يتمتع بشيئ من الجدوى، فى دراسة الفونيكات والمورفيمات، لا يتوافق مع دراسة الجمل، لأن كل لغة بها عدد محدود منالفونيمات والمورفيمات، غير أن عدد الجمل فى أية لغة واقعية، هو عدد غير متناه، إذا ليس هناك حد لعدد الجمل الجديدة، التى يمكن إنشاؤها، ولا تستطيع المدرسة البنيوية تفسير ذلك. 1. صراخ المجرم لم يؤثر فى الناس 2. صراخ المجرم لم يؤثر فى الناس فالجملتان من حيث الشكل الخارجى، متشابهتان تماما، فى علاقة المفردات بعضها ببعض، وكذلك فى علاقة المسند إليه والمسند. ومع ذلك فالمعنيان يختلفان اختلافا جذريا. كما وجد “تشومسكى” أيضا، أن هناك بعض الجمل التى تحتمل معنيين مختلفين، ولا يميز الشكل الخارجى بينهما، فجملة : “كان عقاب على صارما” مثلا، لا يتضح معناها تماما خارج السياق، إذ لاندرى إن كان “على” هو الذى عاقب إنسانا آخر، أم أن إنسانا آخر هو الذى عاقب عليا. كانت مثل هذه الجمل، التى يكتنفها اللبس من الوجهة التركيبية، هى التى أدت بتشومسكى إلى التأكيد بأن لهذ الجمل معنى ظاهرا (سطحيا) Surface Structure وهو الذى يقال فعلا، ومعنى مقصودا (عميقا) Deep Structure وهو الذى تكون العلاقات المعنوية فيه واضحة، وأن الذى ينظم العلاقة بين المعنى المقصود (العميق) والمعنى الظاهر (السطخى) هو تلك القوانين التى تطبيق على الأولى، فتحولها إلى الثانية. وقد أطلق على هذه القوانين اسم “القوانين التحويلية” Transformational rules (1) . وقد أعاد “تشومسكى” من تقسيم “دى سوسير” الثابث للغة إلى : “لسان” Langue “وكلام” Parole وأطلق على النوع الأول : مصطلح “كفاءة” Competence وعلى الثانى : مصطلح “الأداء” Performance. ويقصد بالكفاءة : ما يكون عند المتكلم باللغة – من أبناءها – من معرفة حدسة غير واعية، بالأصوات والمعانى والنحو. أما الأداء فهو عبارة عن الممارسة اللغوية الفعلية فى الحياة اليومية، وربما لا تكون صورة صحيحة للكفاءة، لمخالفتها – فى بعض الحالات – القواعد النحوية (1) . وقد ناقش كثير من اللغويين المحدثين “نظرة تشومسكى” فى كثير من نواحيها. وعلى رأسهم المدرسة اللغوية الحديثة المعروفة “بمدرسة القوالب” Tagmemic analysis. ونتحدث عن جهود هذه المدرسة فيما يلى: (3) مدرسة القوالب : تشارك هذه المدرسة “تشومسكى” وجهة نظرة القائلة بوجود جانبين فى دراسة اللغة، هما: جانب الكفاءة، وجانب الأداء. وترى هذه المدرسة أن مهمة علم القواعد فى أسسه الأولية، تتمثل فى إعطاء نموذج، أو لنقل صورة لجانب الكفاءة، وهو جانب غير واع فى معظمه، شأنه فى ذلك شأن استعمال الناس للغة – بالاعتماد على آثره التى تتجلى فى جانب الأداء، الذى تسهل ملاحظته ورصده. وترى هذه المدرسة أن التحليل اللغوى، يعنى طائفة من الإجراءات لوصف اللغة، ويعتمد على وحدة نحوية أساسية، تسمى : “القالب” Tagmeme وترد هذه الوحدة ضمن مركب على هيئة سلسة، وتقع ضمن مستويات معينة من المستويات النحوية. وقد قام بتطوير هذه النظرية ونظامها اللغوى : “كينيت بايك” Kenneth Pike واستخدمها معهد summer للغويات (1) . ومصطلح “القالب” أو “الإطار” Tagmeme الذى تستخدمه هذه المدرسة، هو عبارة عن ارتباط بين موقع وظيفى (Functional Stat) وفئة من الوحدات (Items) التى تشغل هذا الموقع، مؤلفة من وظيفة (Function) وشك (Form). والمواقع الوظيفة، هى مواضع فى أطر مركبات، تحدد الدور الذى تقوم به الأشكال اللغوية فى المركب، بالقياس إلى غيرها من الأجزاء الموجودة فى المركب نفسه. والوظائف عبارة عن ارتباطات نحوية، تحدد الدور الذى يقوم به الشكل فى المركب، كالمسند إليه، والمسند، والمفعول به، والحال، والتمييز، وغير ذلك. وعلى الرغم من أن المواقع الوظيفية، ترد فى العبادة فى مواضع ثابتة، فإنه لا مانع من وجود وحدات فى كل لغة، قابلة للتنقل بحيث يمكنها أن تأتى فى أكثر من موضع، ففى جملة مثل : “ضرب محمد عليا” ثلاثة مواضع هى : 1- موقع المسند : وتشغله الكلمة الفعلية : (ضرب) 2- موقع المسند إليه : وتشغله الكلمة الاسمية : (محمد) 3- موقع المفعول به : وتشغله الكلمة الاسمية : (عليا) ويمكن أن يأتى الترتيب على نحو آخر، كأن ترتيب هذه الجملة على النحو التالى : “ضرب عليا محمد”. وهذا التغيير لا يعنى تغييرا فى المواقع الوظيفية، التى تحدد الدور لاذى تقوم به الأشكال اللغوية فى المركب، إنما يعنى تغيرا فى مكان الموقع الوظيفى لا غير. والموقع الوظيفى الواحد، يمكن أن يشتغله واحد من فئة الشاغلات ()، وهذه الوحدات قابلة للتبادل فيما بينما فى داخل الموقع. وينبغى أن تصنف هذه الشاغلات إلى أصناف شكلية فى قائمة القلب. ومن أمثلة ذلك أن موقع المسند إليه، يمكن أن يشغله : ضمير، أو اسم علم، أو عبارة اسميةـ أو تراكيب. وقد يكون أحد هذه الشاغلات، هو الفئة الشكلية النموذجية، من بين فئة الشاغلات التى تملأ الموقع. وهذا الترابط بين الموقع الوظيفى والفئة الشاغلة، هو فى الحقيقة ترابط بين وظيفة وشكل. ويتجلى نظام التحليل القالبى، فى أقصى درجة من الوضوح فى عملية التسمية، حيث يسمى كل من الوظيفة والشكل، بأسمـاء مثل : (المسند إليه : اسم / عبارة اسمية … الخ)، فتذكر قائمة الأشكال التى تملأ الموقع على يسار علامة النسبة ( : ) والوظيفة أو المعنى النحوى على يمينها (1) . ونخلص من كل هذا إلى أن القوالب عبارة عن ارتباطات بين الشكل والوظيفة، توزع فى مركبات اللغة. وتتنوع القوالب وفقا لمكوناتها، إلى الأنواع التالية : 1- قوالب إجبارية، أو قوالب اختيارية. 2- قوالب أساسية، أو قوالب ثانوية. 3- قوالب ثابتة المواضع، أو قوالب متحركة متنقلة. النوع الأول : القالب الإجبارى عبارة عن قالب يرد فى كل حالات ظهور البنية اللغوية المعينة، ويرمز له بالعلاقة (+) للدلالة على وجوب وروده حيثما جاء المركب. أما القالب الاختيارى فهو قالب يرد فى بعض حلات ظهور البنية اللغوية، لا فى جميعها، ويرمز له بالعلامة ( + ) للدلالة على إمكان وروده، حيثما جاء المركب، وإن لم يكن ضروريا. النوع الثانى القالب الأساسى هو قالب يتميز به المركب الذى يرد فيه، كالقوالب الموجودة فى التركيب التالى : “البنت تزوجت خطيبها” أما القالب الثانوى (غير الأساسى / التابع)، فهو قالب لا يتميز به المركب الذى يرد فيه، مثل : قالب الظرفية “بالأمس” فى التركيب التالى : “البنت تزوجت خطيبها بالأمس”. وليست كل القوالب الأساسية إجبارية، فقد يكون بعضها اختياريا، كقالب المفعول به فى التركيب : ” البنت تزوجت خطيبها”، إذ يمكن أن يستغنى عنه، فقال : “البنت تزوجت”. أما القالب الثانوى فهو اختيارى دائما. وعلى ذلك يكون عندنا ثلاثة تصنيفات من قوالب النوعين، وهى : قالب أساسى إجبارى، وقالب أساسى اختيارى، وقالب ثانوى اختيارى. النوع الثالث : القالب الثابت، هو الذى يثبت موضعه بالنسبة لغيره فى التركيب. وعلى العكس من ذلك لا يثبت القالب المتحرك فى موضع معين بالنسبة لغيره. وهذا مثال لتحليل جملة مكونة من سلسلة من القوالب : العربية البطيئة المهشمة / نقلت / أثاث البيت / عبر الصحراء / يوم الخميس. الجملة = + مسند إليه : عبارة اسمية + مسند : فعل متعد + مفعول به: عبارة اسمية + مفعول فيه (ظرف مكان) عبارة ظرفية + مفعول فيه (ظرف زمان) : عبارة ظرفية + مفعول فيه (ظرف زمان) : عبارة ظرفية. المستويـات النحوية : يجرى ترتيب المركبات القالبية، على هيئة طائفة من المستويات المحددة المعلم. وأكثر هذه المستويات شيوعا فى الدراسات اللغوية المعاصرة، هى: مستويات “الكلمة” Word و “العبارة” Phrase و “التركيب” Clause و “الجملة” Sentence فضلا عن مستوى “المرفيم” Morpheme . فمستوى “الكلمة” هو ذلك المستوى من النحو، الذى نحلل عنده الكلمة إلى مورفيماتها المكونة لها. ومستوى “العبارة” هو ذلك المستمى من النحو، الذى نحلل عنده مجموعات الكلمات، ذات الأبنية المعينة – باستثناء التراكيب – إلى كلمات. ومستوى “التركيب” هو ذلك المستوى من النحو، الذى نحلل عنده التراكيب، إلى ما فيها من مسند ومسند إليه ومكملات. المراجـع 1- أبى الفتح عثمان بن جنى “ الخصائص ” الجزء الأول، دار الكتاب العربى، بيروت – لبنان 2- توفيق محمد شاهين، الدكتور “ علم اللغة العام ” مكتبة وهبة، القاهرة، عام 1980 م 3- دافيد كريستل (ترجمة حملى خليل، الدكتور) “ التعريف بعلم اللغة “، الهيئة المصرية العامة للكتاب. 4- رمضان عبد التواب، الدكتور، “ المدخل الى علم اللغة ” ومناهج البحث اللغوى، مكتبة الخانجى بالقاهرة، 1982 م 5- كمال محمد بشر، الدكتور، “ علم اللغة – الأصوات “، دار المعارف، القاهرة، 1981 م 6- محمود فهمى حجازى، الدتور، “ مدخل الى علم اللغة” ، دار الثقافة للنشر والتوزيع، القاهرة، 1978 م. ***** ________________________________________ [1] ) الاوسلوجراف أو راسم الذبذبات هو جهاز شبيه بجهاز التليفزيون غير أنه يتلقى الإشارات من ميكروفون أمام فم المتكلم ويقوم بتسجيل مرئى لذبذبات الأصوات. (انظر د. أحمد مختار عمر دراسة الصوت اللغوى ص 34) [2] ) الاسبكتوغراف أو جهاز رسم الأطياف هو جهاز يعطى تسجيلات بصرفية ثابتة لتتابع أصوات الحديث الكلامى فى شكل خطوط متعرجة مختلفة التركيز تبعا لقوة الذبذبات الصوتية الموجهة ويسجل كل ذلك على ورقة بيانية ويحتاج استعمال هذا الجهاز إلى خبرة وتدريب حتى يستطيع الباحث تحديد الصوت وقوته والنغمة التى نطق بها. (انظر د. أحمد مختار عمر الصوت اللغوى ص 35)

1 comment:

Pragmatisme Manusia Moderen

Pragmatisme Manusia Moderen Sejak bergulirnya Era reformasi Indonesia sudah Berganti 5 kali kepemimpinan Presiden Namun ekonomi bukan semak...